هل تشكّل إدلب خطراً على ليبيا؟
بُعد المسافات قد يذلّـله يُسر المسالك والمسارات
خاص 218
من البديهيات العسكرية المعروفة أنّ الطرف المدافع يكون أقوى من نظيره المهاجم، وإنَّ فَرْضَ الأخيرِ الحصار على الأوّل، يُجبره على تركِ منفذ واحد للمدافع؛ كي يهرب منه،لضمان عدم استبساله بالدفاع عن موقعه، وتكبيد المهاجمين خسائر جسمية.
وتتجلى أهمية هذه البديهيات في كونها ترتبط من جهة ارتباطا وثيقا بتطورات الأوضاع الميدانية بمدينة إدلب السورية، التي تحوّلت بفعل اتفاقات المصالحة التي أبرمتها السلطات في سوريا بمشاركة روسية من جانب، مع المعارضة في بعض المناطق من جانب آخر، إلى معقلٍ للمسلحين التابعين للتنظيماتِ الإرهابيّة، ممن تمَّ جمعُهم فيها؛ تمهيدا للقضاء عليهم دفعة واحدة بعمليّة عسكريّة واسعة؛ تقوم بها قوات الجيش السوري المدعومة من الجانب الروسي، ومن جهة أخرى بانعكاسات هذا الأمر على الدّول التي تعاني من الأزمات، وعلى رأسها ليبيا، والعراق إلى حد ما.
السؤال الأبرز الذي يطرحه المراقبون الآن هو أين سيكون مآل هؤلاء فيما لو خرجوا من المدينة برضاهم مع أسلحتهم، أو مجبرين عبر المنفذ الواحد الذي تحدّثت عنه البديهيات العسكرية، في حال الشروع بالعملية العسكرية الواسعة.
جانبٌ من المراقبين أشار إلى إمكانية تسلّل هؤلاء إلى العراق القريب، بوجود بعض المناطق التي قد تشكّل حاضنة للأفكار المتطرّفة، رغم تمكّن القوات العراقية المدعومة بالمجموعات المسلحة التابعة للحشد الشعبي؛ من القضاء على الوجود العسكري المباشر للإرهابيين، الذين لم يتبقَّ لهم سوى عناصر الخلايا النائمة، والمسلحين الذين اتخذوا من المساحات الواسعة في سلسلة جبال حمرين شمالي البلاد، والصحارى الشاسعة في غربها، ملاذات آمنة.
ويرفض الجانب الآخر هذه الفرضية، على اعتبار أنّ القوات العراقية باتت ممسكة بإحكام، بزمامِ الأمور على حدودها مع سوريا، وهو ما سيجعل مسألة تسلل هؤلاء بالغة الصعوبة، مرجّحين في الوقت ذاته أن تكون ليبيا هي الوِجهة الأمثل لهؤلاء، بسبب الانقسامات السياسية التي تعاني منها البلاد، والانفلات الأمني في عدّة مناطق فيها، ما يجعلها بيئة خصبة لانتشار تلك العناصر فيها.
وبين هذا الرأي وذاك، فإنَّ على قادة ليبيا السياسيين؛ الإسراع بالتوصل إلى تسوية للصراعات فيما بينهم، وإجراء الانتخابات للوصول إلى سلطتين، تشريعية وتنفيذية، تعملان مع المؤسّسة العسكرية التي باتت مسألة توحيدها مسألة وقت لا أكثر، لضمانِ ضبط حدود البلاد الجويّة والبحريّة والبريّة الشاسعة؛ للحيلولة دون وصول خطر الإرهابيين الفارّين من سوريا إلى الأرض الليبية.