هل الفيروس كائن حي؟ وشنو هي الحياة؟
حسام الثني
بيولوجيًّا، الحياة هي نوع معين من التفاعلات الكيميائية… هذا النوع من التفاعلات معقد شوية لكن معروف ويمكن رصده وتشخيصه. يتميز بمجموعة خصائص مادية مترابطة لو يديرهن أي نظام كيميائي مُغلق مُكتفٍ ذاتيا على الأغلب – من الناحية البيولوجية – حنسموه كائن حي: (مقدرة على التنظيم والاستتباب، مقدرة على تبادل المواد مع الوسط الخارجي، مقدرة على البناء والهدم، مقدرة على النمو، مقدرة على التكاثر، استجابة للبيئة المحيطة ومقدرة على التكيف، مقدرة نوعية على الحركة، مقدرة على الارتقاء والتطور)..
هذا من الناحية الأحيائية، أمّا تعريف الحياة عموما فما زال أكثر تعقيدا من هكّي. لأسباب واجد تأخذ في الحسبان اعتبارات فلسفية ولُغوية ربما حنفصّلوها لاحقا.
بيولوجيًّا برضو، ما نقدروش نقولو إن الفيروس كائن حي (أو على الأقل مش حي بقدر كافي) للتفاصيل أعلاه. لكن اللي نقدرو نقولوه إنه كائن يسلك سلوك وراثي مشروط وقادر على التطور والتنوع وهذا تحديدا اللي يهمنا حاليا بصرف النظر عن هل اعتبرناه حي أم لا.. الفيروسات مش الكائنات الوحيدة المش حيّة اللي تسلك سلوكيات حية؛ فيه أيضا (البريونات) المسؤولة عن مرض جنون البقر واللي عبارة عن كائنات بروتينية ماعندهاش أي حمض نووي لكن عندها خصائص مُعدِيَة، هذا غير إنها قادرة على التطور الدارويني زيها زي الكائنات الحية.. فيه أيضا (الفيرودات) اللي العكس تماما: قطعة من حمض نووي ريبوزي بس ماعندهاش أي غلاف بروتيني وحتى هي تسلك سلوك مُـمرض.
ناس واجد يشوفو إن للحياة بُعد ميتافيزيقي يتمثل في الروح، لكن العلم لا يناقش هذه المسألة لأن نطاق اهتمام العلوم محصور في الوجود الفيزيقي. وبصرف النظر عن وجود أي بُعد ميتافيزيقي في موضوع الحياة من عدمه فمن الناحية البيولوجية هذا البُعد مش ضروري لتحقق ظاهرة الحياة (إذا ما حصرناها في الخصائص الحية السابقة). ويهمنا الإشارة إلى نجاح تجارب تخليق البكتيريا معمليا زي اللي داروه “جي كريغ فنيتر” والفريق متاعه اللي تمكنوا – حرفيًّا – من تصنيع سلالة بكتيريّة معمليا دون ما يكون لها أي أسلاف حية.. أغلب البيولوجيين يميلوا في تعريف الحياة إلى ما يُعرف بـ”التعريف القياسي” الموضوع بواسطة البيوكيميائي الأمريكي “جيرالد جويس” اللي يعرّف الحياة على أنها “نظام كيميائي مُغلَق مكتفٍ ذاتيًّا قابل للتطور الدارويني”.