هذا ما يحدث في “السفارات الليبية” حول العالم
كل دولة في العالم لديها بعثات دبلوماسية خارج حدودها مع الدول التي تعترف بها وتعمل معها، لتأدية غرضين اثنين لا ثالث لهما: إدارة العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى، وتقديم الخدمات لمواطنيها في تلك الدول.
والسفارة هي دولة داخل الدولة، وتقع تحت سلطة البلاد التي تمثّلها وتُعتبر أرضا من أراضيها ولا يحق للدولة المستضيفة أن تتعدى عليها أو تفتّشها بأي ذريعة إلا بتنسيق مباشر مع الدولة التي تمثّلها السفارة.
والسفير ينبغي أن يكون شخصا ذو كفاءة دبلوماسية وسياسية ممتازة، إضافة إلى خصائص معينة ومتعارف عليها مثل أن يكون على درجه عالية من الثقافة والكياسة واللباقة وإتقان التكلم بلغات أجنبية.
لكنها في ليبيا
عبارة عن مؤسسة لتوزيع المجاملات السياسية، مثلها مثل الوزارات والهيئات، ونادرا ما تدخل الكفاءة ضمن عقلية المحاصصة وتقسيم الكعكة الذي يتم بين الكيانات في البلاد. والمسألة ليست فقط في اختيار السفير وإنما في اختيار القنصل ومختلف الوظائف، وشاع في السنوات الأخيرة كثرة الوفود والموظفين في السفارات.
ولعل هذا أحد الأسباب التي تجعلها تفشل باستمرار في إدارة العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تتبادل معها العلاقات، وتفشل في تقديم الخدمات للمواطنين الذين يشتكون في كل مكان من العالم معاملة السفارات الليبية.
يصلون متأخرين إلى الدوام ويغادرون قبل موعد الخروج بساعات، والكثير من الموظفين الذين لا يحضرون أصلا ويتقاضون مرتبات عالية وبالعملة الصعبة، ويتمتعون بصلاحيات وامتيازات وحصانة دبلوماسية، ويغادرون في إجازات غير موقّعة، إضافة إلى الفساد الكبير والمتراكم الذي علمنا عنه والذي لم نعلمه بعد.
قضية القنصل عادل الحاسي في مصر التي طرحت على شاشة 218 فضحت قضية والد أحد نواب البرلمان في سن التقاعد تم توظيفه كمستشار وهو لا يحضر، ومعظم أبناء عمومة كل شخص متنفّذ في ليبيا يتمتعون بذات صلاحيات والد النائب وغيره من المسؤولين الليبيين
سفير يتحرش بسكرتيرة في روسيا، حوادث ضرب وتكسير وتعدّي بين متخاصمين من قبيلتين مختلفتين على السفارة في مصر، وقد حدث ضرب في سفارة جنوب أفريقيا، وأحد السفراء كان يقود مخمورا في كندا، والسفير الذي تم تعيينه في الأردن العام الماضي كان يؤدي وظيفته من إحدى فنادق العاصمة عمّان لأن السفير الآخر التابع لحكومة أخرى -غير معترف بها دوليا- رفض الخروج من المبنى.
ويشتكي المواطنين دائما من صعوبة الوصول إلى المسؤولين في السفارات عن أداء وظائف حيوية مثل تجديد جوازات السفر، ناهيك عن عدم الاستجابة الجادة لمناشدات المواطنين المغتربين عندما يتعرضون إلى مضايقات أو تعدّي أو سرقة.
ولعل تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017 كان أوضح مثال قانوني على ما يتم في السفارات من إهدار للمال العام وفساد وخسائر تتكبدها الدولة الليبية وتؤثر على الوضع الاقتصاد في ليبيا، التي يعاني مواطنيها من تسيّب المسؤولين عن إدارة شؤون حياتهم
وتبقى قليلة جدا السفارات التي لا تحوم حولها الشبهات وربما معظمها في الدول التي لا تشهد كثافة للمواطنين الليبيين، إضافة إلى وجود سفراء يعرفون العمل الدبلوماسي وقدسية السفارة التي تعتبر واجهة تمثل الوطن في الدولة التي تتواجد فيها