نفط ليبيا إلي أين؟
رمزي الجدي
– ما حجم احتياطي النفط المتبقي في ليبيا بعد نصف قرن من الإنتاج؟
– ما حقيقة مسطح برقة و حوض الكفرة الغني بالنفط؟
– ما هي نتائج عمليات الاستكشاف في العشر سنوات الأخيرة؟
– ماذا أضاف حوض طرابلس- قابس للاحتياطي السابق؟
– لماذا أصبح حوض غدامس و حوض مرزق هما مستقبل ليبيا الجديد؟
في الحقيقة, لا أحد يستطيع إن ينكر أن موضوع النفط, قد يكون واحدا من أهم المواضيع المحركة للصراع في ليبيا, و قد تكلم الكل في هذا الموضوع, الصغير والكبير، العالم والجاهل، الاقتصادي والسياسي والمنظر، والأحزاب والكتل، والشاعر والكاتب, باستثناء أهل الاختصاص, الكل أفتى ومني النفس بما يجهل ولا يعرف بما يخص احتياطي النفط الليبي و خريطة توزعه في ليبيا و حجم المستهلك و المتبقي من هذا الاحتياطي مواقع الاستكشافات الجديدة, و البعض ذهب ابعد من ذلك ظنا أن الاحتياطي الباقي متواجد في منطقته أو تحت باب بيته لأنه صاحبة نصيب الأسد في أنتاج ليبيا كأن هذا النفط نهر جاري وليس حوض رسوبيا يحوي مخزون محدد.
طوال سبع سنوات بقي أهل الاختصاص والعلم والدراية خارج ساحة الإدلاء والإفتاء والتعبير مما غيب الحقائق و زاد الطين بله.
لكن الموضوع يستحق المناقشة, لذلك أجد من دواعي سروري أن اكتب عنه للوقوف على حقيقة احتياطي النفط الليبي من خلال المعلومات والبيانات الفنية الموثقة في المؤسسة الوطنية للنفط و من نتائج عمليات الاستكشاف في أخر عشر سنوات, حيث أن المعلومات عن النفط كانت غير متاحة في عهد القذافي و كانت تقتصر على خاصته و ليس مسموح حتى لأهل الاختصاص تداولها وضلت المعلومات القليلة المتداولة من عهد المملكة و بدون تحديث وضل 47 مليار احتياطي كأنها لم تنقص.
حجم احتياطي النفط ليس موضوع أماني وتخمينات وافتراضات, ولا يمكن التخطيط لمستقبل البلاد بناء على أوهام وآمال وأحلام , و أقولها هنا ما لم يتم استغلال النفط استغلالا علميا حكيما فان الأجيال القادمة في خطر.
إن احتياطي النفط الليبي المؤكد سنة 1964 كان 47 مليار برميل و هذه المعلومة التي يحفظها و يرددها الجميع, و لكن ما ليعلمه إلا الاختصاصين أن هذا الاحتياطي استهلك 65% منه من خلال الإنتاج التراكمي لخمسة و أربعين عام و الذي بلغ 29 مليار برميل, 82% من هذا الإنتاج من جنوب شرق ليبيا دون وجود اكتشافات تذكر في هذه المنطقة,
حيث أن أهم عمليات الاستكشاف في كل المناطق الليبية أعطت نتائج جيدة في حوضين فقط هما حوض غدامس وحوض مرزق, أما باقي الأحواض سرت, الكفرة ومسطح برقة فالمعلومات المؤكدة والتقنية الحديثة تنبئ بما هو مخالف للمعتقد السائد بين العامة, فهذه الأحواض أصبحت أحواض شبه جافة نتيجة الاعتماد عليها طيلة السنوات السابقة دون وجود أي اكتشافات تذكر .
لأهمية الموضوع سوف نتناول في هذا المقال الأرقام الحقيقة للاحتياطي الليبي من النفط و الغاز و هذه المعلومات تم تجميعها من خلال عمليات الإنتاج و الاستكشاف التي تنشرها المؤسسة الوطنية للنفط تباعا.
• الاحتياطي الأصلي المتراكم هو 47,097 مليار برميل. هذا الرقم كان سنة 1964
• الإنتاج المتراكم هو حوالي 29,101 مليار برميل. حتى سنة 2010
• الاحتياطي النفطي المكتشف والمطور، والقابل للإنتاج والتصدير حاليا من النفط هو 10 مليار برميل. سنة 2010
• الاحتياطي من الغاز الحر يبلغ 33,700 مليار قدم مكعب.
• الغاز المصاحب للنفط يبلغ 18,021 بليون قدما مكعبا.
• الاحتياطي الكلي للغاز هو 51,721 مليار قدما مكعبا.
• الاحتياطي المتبقي حوالي 17,996 مليار برميل.
• الاحتياطي المحقق المتبقى الذى تنتجه البلد وتصدر منه هو حوالي 10 مليار برميل فقط.
و قد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط فيما سبق أنه تمت إضافة حوالي 3,014 مليار برميل للاحتياطي النفطي فيما بين 2005 حتى 2008 .و هذا يجعل القابل للتصدير النفطي لا يتعدى 13 مليار برميل, هذه المعلومات حتى يوم 31/12/2010. ونتائج حفر الآبار الاستكشافية في حوض سرت وحوض طرابلس-قابس البحري، وحوض الكفرة ومسطح برقة تُنبئ بنضوبها مستقبلا لعدم وجود اكتشافات ذات قيمة لتعويض ما تم استخراجه وإنتاجه وتصديره, في حين كانت نتائج الاستكشافات ايجابية في كل من حوض غدامس و و حوض مرزق و لكن هذا لن يضيف كثيرا للاحتياطي السابق, و بالرغم من أن هنالك دراسات للمؤسسة الوطنية للنفط تفيد بان حوض غدامس يحوي احتياطي عظيم ومهولا من النفط لكن هذه الدراسات لم يتم تأكيدها بعد و يجب ان تطلق عمليات استكشاف علمية حقيقة للتأكد من صحتها. أما فيما يخص مسطح برقة و حوض الكفرة, فكل الآبار التي تم حفرها كانت جافة, وتبقى المنطقة المتبقية في كامل حوض الكفرة في جزئه الجنوبي المتاخم لدولة تشاد.
وفي النهاية لا أملك إلا أن أقول أنني قد عرضت لكم حقائق واقعية بعيدا عن التفاؤل المفرط و بدون أي تشاؤم, أنما أدليت بما اعرف في هذا الموضوع لعلي افتح عيون الشباب على ان زمن الدولة الريعية قد انتهى, و يجب ان لا يستمع إلي كلام الغير عارفين و المتوهمين أن ليبيا تعوم على بحيرة نفطية-غازية, و يجب أن تكون الأولوية هي استئناف النشاط الاستكشافي الفعال لزيادة وتعويض اكبر قدر من الاحتياطي المستنزف و تطوير الحقول النفطية والغازية المكتشفة و إدخالها في مرحلة الإنتاج, و من ثم تحويلها الي مشاريع اقتصادي ناجحة و و موارد متجددة تكون بديلا للنفط.
أتمنى أن أكون قد وفقت في كتابة مقالي هذا و أسال الله أن يحفظ ليبيا و شعبها, وأخيراً ما أنا إلا بشر قد أخطئ وقد أصيب فإن كنت قد أخطأت فأرجو مسامحتي وإن كنت فد أصبت فهذا كل ما أرجوه من الله عز وجل.