نعتذر.. نحن لا نحب الحكومات
مروان العياصرة
تحول المواطن العربي من كائن يمشي ويتحرك ويتكلم، وييعبر عن غضبه، إلى صورة ذهنية أشبه ما تكون بملصقات على جدران عقل الحكومات السميك، وبقي يختزن هذه الصورة الذهنية سنوات عجاف، وبقي المواطن، محسوب مواطن باللفظ لا بالمعنى.. مواطن مخنوق، رغم أنه يمتلك رئتين، ورئة ثالثة هي هذا الوطن الذي تحول بفعل السياسات إلى دكان، أو ربما صار شركة استثمارية بعوائد نخبوية.
تحول المواطن من مواطن بشهادات تعليم عالي وبكالوريوس وخبرة ومهنية، إلى مواطن بحسن سيرة وسلوك وسندات وفواتير، والمواطنين مثل أرقام الحسابات الختامية والتعداد السكاني الذي قد يفيد في جمع التبرعات والاستجداء باسمهم.
ربما على المواطن العربي أن يتوقف عن حزنه وفائض قلقه وأن يؤمن أكثر بالعدالة الإلهية التي كتبت له أجله وأجره وراتبه أيضا، ولا يجب أن يبتئس، فليس على الحكومات بأس، ما دامت “تأخذ وتُعطي”.. على الأقل تعطي للمواطن بعض مغانم التنمية الشحيحة، وتأخذ الكثير والكثير من مغارم الضرائب والأسعار..
لا بديل عن الإصلاح حتما، حتى نتجاوز مسافة الفقر التي نقطعها ظمأً بين مغانم الحكومات ومغارمها، .. لا بدل عنه، باعتباره ليس حبة أسبرين، أو مضاد حيوي، أو إبرة تخدير في مؤخرة الجماهير المتظاهرة بصمت في شرفات نهاراتها الكئيبة.. الشعوب تريده إصلاحاً غير مغشوش، ولا مجزأ كسلعة تباع بالتقسيط المريح، إصلاحا دائرياً بلا أضلاع وبلا رؤوس مدببة، ويتسع الجميع.
قيل ( يخرج المجرمون من الفقر، والساقطات يلدن الرذيلة )، لكن في لحظات التحول التاريخي، الفقر في زمن الفقر المزمن لا يلد غير الشهداء والأبطال والمنتمين، وجموعٍ غفيرة من المسجونين الذين تحولوا وراء القضبان إلى أرواح طليقة عبر هذا الكائن الإلكتروني وعلى ألسنة الناس وفي النشرات والبيانات والمقالات..
فأي جمر الفقرين تنفخ الحكومات العربية بسياساتها المجدبة.. فقد مرت على هذه الشعوب أزمنة كثيرة وغمامة السياسات بلا مطر أو رذاذ..
نعتذر لك أيتها الحكومات.. نحن لا نحبك، لأنه لا حب بالإكراه ولأننا حين لا نستطيع الحكم على من نحبهم كما قال جان بول سارتر، يصبح الحب مغشوش، ولا نبرر أكثر.. كي لا نفسد الاعتذار..