نجوم الصيف: بوند… جيمس بوند
سمير عطا الله
كان بعض النقاد يسخر من روجر مور، قائلين إن وسامته سبب نجاحه، وليس مواهبه التمثيلية. لكن الرجل الذي مثّل أكبر عدد من أفلام «جيمس بوند» كان واسع الثقافة، محباً للأدب والمسرح. وكانت متعة الحديث معه ليس حول الفن، بل حول الأدب والثقافات. وفي بدايات التعرف إليه، شعرت بغبطة شديدة عندما اكتشفت أننا نتفق معاً على أن رواية «الشقيقة كاري»، للكاتب ثيودور درايزر، هي من أهم المؤلفات التي نقلت إلى الشاشة. وبعد وفاته، عثرت في نيويورك على نسخة من الطبعة الأولى للرواية، المسماة «طبعة بنسلفانيا»، وسوف أقدمها إلى ابنه العزيز كريستشان.
لم يكن جيمس بوند الحقيقي مثقفاً فقط، بل كان أيضاً محباً لعمل الخير. وبهذه الصفة، أكرمته الملكة إليزابيث بالوشاح الأول، ومنحته فرنسا الوسام الأول. وفي السنوات الأخيرة ابتعد عن الشهرة، وابتعدت عنه. وكان يمضي أشهر الصيف في جنوب فرنسا، مكتفياً ببعض المهام الإنسانية، التي تحمله إلى أماكن بعيدة مثل جنوب أفريقيا.
ما هو أصعب شيء في حياة النجوم؟ أن تفقد سرعة الضوء التي تعتادها. لكنني كنت ألاحظ أن الناس، حتى الشباب، ظلت تتعرف إلى مور حيث تراه. وذات مرة رأيت بعض الشبان يندفعون نحوه في مطار نيس لمجرد إلقاء التحية عليه.
معظم الممثلين يلعبون أدوار الشباب في شبابهم، وأدوار الشيوخ في شيخوختهم، لكن مور، الذي اضطر إلى النظارات الطبية في السبعين من العمر، فضّل أن يبقى «الساحر» في ذاكرة السينما والملايين ممن عرفوه. ومثل أبناء جيله، كان يفاخر أنه جاء إلى الشهرة من أصول متواضعة. ولو لم يكن والده شرطياً، ربما لم يعرف الشاشة.
غير أن الأب الشرطي كُلِّف مرة بالتحقيق في سرقة سينمائي معروف. وبعد الانتهاء من التحقيق، طلب من المخرج أن يعطي ابنه الوسيم دوراً في أفلامه. وعند رغبته، أعطاه المخرج دوراً صامتاً لثوان قليلة. وتكررت الأدوار الصامتة والثواني. ثم وقع عقداً مع «مترو غولدوين ماير» لثماني سنوات، غير أن الشركة فكّت العقد بعد عامين، بسبب فشله. ووقع عقداً مع شركة «وارنر» كان أفضل حظاً. وعندما قرر شون كونري، أول ممثلي جيمس بوند، أنه سوف يتوقف عن لعب الدور، ثمة من اقترح اسم روجر مور. وظل المستر بوند ينتقل من فيلم إلى آخر منذ 1972 إلى 1985. ولم ينكر أنه لولا سأم كونري من الدور «السطحي» لما وصل إلى النجومية التي بلغها.
إلى اللقاء.
صحيفة الشرق الأوسط