“ناشيونال إنترست”: ليبيا قد تُمزق حلف “الناتو”
ترجمة| 218
في مقال له في موقع “ناشيونال إنترست” بعنوان (لماذا سيعزز انخراط الولايات المتحدة في ليبيا من حلف الناتو)، تطرق المحل السياسي “فيليب كوالسكي” من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، في واشنطن إلى ضرورة انخراط الولايات المتحدة بقوة في الوضع الليبي، لأن ذلك سيعزز من قوة حلف الناتو.
وجاء في المقال: “مثلما تدخّل حلف شمال الأطلسي في ليبيا بناء على طلب من واشنطن، فمن غير المحتمل أن يتم إصلاح مستنقع التحالفات والمنافسات دون مساعدة واشنطن أيضا”.
وأشار الكاتب إلى ما تعرضت له سفينة البحرية الفرنسية التي كانت تطبق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا من مضايقات البحرية التركية في 10 يونيو عندما سعت الفرقاطة الفرنسية إلى إيقاف سفينة شحن يُشتبه في أنها تهرب أسلحة إلى ليبيا. وقالت باريس إن السفن التركية استهدفت الفرقاطة كوربيه بأنظمة أسلحتها في وضعية التهديد. وأن ذلك حدث على الرغم من أن كل من تركيا وفرنسا عضوان في الناتو، ورأى الكاتب أن هذا الحادث يسلط الضوء على كيفية توتر الأوضاع داخل الحلف بسبب قضية ليبيا، وبالتالي فمن غير المحتمل أن يتمكن أيّ عضو في الناتو بخلاف الولايات المتحدة من تصحيح هذا المسار الخطير – وهو جهدٌ يتطلب الوقوف ضد طموحات أعضاء الناتو المنفردين وخاصة تركيا.
ويقول الكاتب إنه من المفارقات أن قادة الناتو أشادوا مرة بتدخل الحلف المدعوم من الأمم المتحدة في ليبيا عام 2011 كدليل على دور الحلف الجديد في فترة ما بعد الحرب الباردة. وإن الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن بالعملية باعتبارها تقدم “نموذجًا لمهام الناتو المستقبلية”، بينما رأى قائد كبير للناتو، أن التدخل في ليبيا “أظهر أن الحلف لا يزال مصدر أساسي للاستقرار”. ثم ساءت الأمور بسرعة بعد عام 2011، ومع ذلك، فإن ليبيا، التي كانت في السابق عاملا موحدا للناتو، تهدد الآن بتمزيقه.
ويستعرض المقال الوضع الليبي منذ سقوط معمر القذافي حيث تحولت ليبيا إلى حرب أهلية مكتملة الشروط، وكيف أصبحت البلاد ممزقة بين الطرفين الرئيسيين في الصراع الليبي، واللذين يتلقيان الدعم من أطراف خارجية متعددة. ويقول الكاتب إن دور تركيا لا يحظى برعاية حلف شمال الأطلسي، وهو أكثر تعقيدًا من دعم فرنسا الخفي لحفتر، الذي يتم من خلال الدعم الدبلوماسي للجيش الوطني بينما يدعو إلى وقف إطلاق النار في المنطقة. وفي الوقت نفسه، اتخذت إيطاليا، وهي طرف حاسم في الناتو في منطقة المتوسط، الجانب الدبلوماسي لتركيا وحكومة الوفاق الوطني.
يؤكد المقال على أن غياب الولايات المتحدة في ليبيا يعني أن أعضاء الناتو لا يفتقرون إلى الوحدة فحسب بل يتناحرون مع بعضهم البعض. وأن فرنسا أصدرت تعليقات قاسية بالنسبة لتركيا في أعقاب حادثة كوربيه في يونيو. وعلى الرغم من أن الحادث مر دون أي قتال، إلا أن فرنسا علقت قائلة “لا يمكنها التظاهر بعدم وجود مشكلة تتعلق بعضوية تركيا في الناتو” وعلقت دورها الحاسم في فرض حظر الأسلحة على ليبيا.
ويؤكد المقال أن الفرنسيين على حق في موقفهم، لأن: تركيا هي أكبر عقبة أمام استعادة وحدة الناتو في ليبيا. بسبب دعم أردوغان لحكومة الوفاق الوطني، وأن ذلك ينبع بشكل رئيسي من سياسته الخارجية المتشددة والإسلامية المتزايدة، ومنافسته مع مصر، وليس من أي مصلحة لتعزيز الديمقراطية في ليبيا. وأنه بدلاً من تهدئة الوضع، تسبب سلوك أنقرة في ليبيا في زيادة كبيرة في حرب الطائرات المسيّرة إلى جانب تصدير المرتزقة الإسلاميين إلى ليبيا، وأن بعضهم من الأطفال الجنود.
ويقول الكاتب إنه إذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لتوحيد الناتو حول هدف مشترك في ليبيا، فسوف يتطلب ذلك تقليص جهود أنقرة لفرض سياستها ورؤيتها. كما أن تصرفات أردوغان التي تخرق مبادئ الديمقراطية في الداخل التركي يجب أن يقف عندها أيّ مراقب عند التفكير في نوع البلد الذي يسعى إلى تحويل ليبيا إليه. وأنه بدلاً من ترك أردوغان يفلت من العقاب النسبي على سوء سلوكه كما فعل في سوريا والعراق، يجب على واشنطن والناتو مطالبة تركيا بالامتثال لقيم التحالف عبر الأطلسي قبل أن يزداد مستوى تدخلها أكثر في ليبيا.
كما يذهب المقال إلى أنه بالإضافة إلى الدعوة إلى سياسة موحدة لحلف الناتو يجب على واشنطن أيضًا استخدام نفوذها لرعاية تسوية سلمية في ليبيا. وأنه نتيجة لعدم استعداد أمريكا للانخراط أكثر في ليبيا، قامت أنقرة وموسكو بتهميش واشنطن وحلفائها الغربيين وحاولت التدخل في مستقبل ليبيا بشروطها الخاصة. وبالتالي إذا كانت واشنطن ستضع ثقلها وراء تسوية سلمية في ليبيا، فيمكنها إعادة تأكيد براعتها في المجال الدبلوماسي وتوحيد الناتو حول رؤية واحدة لليبيا التي مزقتها الحرب.
ويرى الكاتب أن عدم قدرة أعضاء الناتو على إيجاد أرضية مشتركة في ليبيا له تداعيات لم يتم استيعابها إلاّ الآن. فالانسحاب الفرنسي من بعثة الأمم المتحدة قبالة سواحل ليبيا، والمعروفة باسم عملية حارس البحر، سوف يقلل من الأمن البحري في منطقة البحر المتوسط. وأنه في غضون ذلك، تمنع تركيا تنفيذ مشروع دفاعيّ مهم في بحر البلطيق كانت قد وافقت بالفعل على دعمه العام الماضي. وهذا المشروع عنصرٌ أساسي في استراتيجية الناتو لمواجهة النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية. ولا يقتصر سلوك أنقرة على عزلة أعضاء الناتو في أوروبا الشرقية فحسب، بل قد يهدد أمنهم أيضًا.
ويخلص المقال إلى أنه إذا استمرت مشكلة ليبيا، فليس هناك ما يخبرنا عن مقدار الضرر الذي سيلحق بتحالف الناتو. وبالتالي يجب على واشنطن أن تجعل وجودها محسوساً أكثر. فربما تمزقُ ليبيا حلف شمال الأطلسي الآن، لكنها تقدّمُ للحلف فرصة لتجديد الغرض من وجوده مرة أخرى.