مواجهتي مع أحمد إبراهيم (4)
عمر أبو القاسم الككلي
أخذت المواجهة تميل إلى أن تكون حوارا. وفي هذه الأثناء جاء شخصان من خارج الجامعة يرتديان بدلة مدنية، ويحمل أحدهما مظروفا كبيرا. كان تصرفهما الواثق المعتد والمنتبه، يشي بأنّهما عسكريان برتبة عالية ومسؤولية مهمّة، أو رجلا أمن من عيار ثقيل. كانا يريدانه للخروج معهما من أجل شغل ما. جلسا على كرسيين من كراسي الصالون في ركن من الغرفة. عدنا إلى مسألة ما إذا كنت ثوريا أم لا؟. فأكدت مجدّدا على أن هذه مسألة تخصّني، ولا أطلب تزكية منه أو من غيره. فسألني لماذا لا أنضم إلى اللجان الثورية. قلت له بأنه ليس لديَّ ميول إلى العمل السياسي. طبيعة شخصيتي لا تتوافق مع الانضباطية المطلوبة في العمل السياسي. وحتى لو كانت لدي ميول للعمل السياسي فلن أنضم إليك!
سأل متفاجئا:
– علاش؟!.
قلت له لأنني أنا عندك محلّ شك، لذا حتى لو جاملتني وقبلتني معك، فستضعني تحت رقابة مشددة وتجمدني، وبالتالي فوجودي معك مثل عدمه.
فوجئت به يقول:
– هذا كلام مقنع!
واعتذر عن الإساءة التي وجّهها لي، مؤكدا أن هذا لم يكن مقصده عندما جاء للحديث معي، إلا أن ردّة فعلي استفزّته فوجّه ما وجّه إليَّ من إهانات. قلت له أنّه هو أيضا استفزّني بطريقته في الحديث معي. كان اعتذاره واضحا، ومحددا، وشجاعا، وأمام شهود. وقال لي إنّهم لم يصنفوني مطلقا على أنني رجعي. لكنهم لم يصنفوني على أنّي ثوري! وطلب مني ألا أكثر التردد على مقهى كلية الحقوق ومقهى كلية الاقتصاد، وبالذات الاقتصاد، لأنّ ثمّة شبابا يتناولون المخدرات، وستداهمهم اللجان الثوريّة. قال هو متأكّد أنّه لا علاقة لي بهم. ولو حدَثت مداهمة بحضوري فلن يقترب مني أحد من اللجان الثورية، ولكنه يرغب في ألا أكون موجودا لأن هذا لا يليق بي. وأضاف إنّ اللجان الثورية المعنية قالت إذا كان هذا الشخص يهمّكم فحذّروه. وقال لي إنّه كان يتمنى لو قمنا في جلستنا هذه بالتخطيط لعمل ثوري، بدلا من هذا الخصام. وإنَّه كان يتمنّى أن أكون كمثقف، وغيري من المثقفين، معهم، لأنّه ينقصُهم المثقفون في الحركة.
– “عندنا شباب ثوريين متحمسين، لكن ما عندناش مثقفين”.
خرجَ معي لمسايرتي، وقال لي إنَّ التوجّه في مناسبَة “السابع من أبريل” هذه، أن تكونَ احتفالية، وخالية من العنف. وأنَّهم لا يريدون تكرار ما كان يجري في السابق، إذ كان سماع أدنى كلمة سلبية عن شخص ما؛ يؤدي إلى سجنه أو قتله! وأعاد القول إنّني مصنّف كماركسي، وإنَّ منصور بوشناف ذكر اسمي في التحقيقات. فقلت له إنّني لم أسمع بهذا، ولا بدّ أنّ منصور ذكرني تحت الإكراه البدني. قال لي نحن قلنا هذا أيضا!
إقرأ أيضاً: