مواجهتي مع أحمد إبراهيم (2)
عمر أبو القاسم الككلي
مؤكد، كانت ردة فعلي مفاجئة ومذهلة، بحيث عصفت بكل المسارات التي كان يحتملها لوقائع “لقائنا”. والحقيقة أن هذا الأسلوب عنصر تكتيكي فعال أتبعه في مثل هذه المواجهات، وأعتقد، دون تبجح، أنني بارع في استخدامه. فبفضل هذه الوسيلة عطلتُ كل توقعاته، فأفلتت مصاريع القيادة من يديه وصرنا معا، بفعل غياب التوقع هذا، على خط واحد، ما يعني أننا سندخل في لعبة لا قواعد لها.
جاء عبد الباسط القذافي وتساءل عما يحدث.
– نبوه يمشي يشرب معانا شاهي!. عندك مانع؟!.
فرد عبد الباسط:
– هاذي حاجة تخصه!. شن علاقتي؟!.
طبعا، لم نكن أنا وأحمد إبراهيم، من حيث موازين القوة المادية، في وضع متكافيء. فهو معزز بقوة النظام المدير للدولة وسلطته وتسلطه، وأنا لا أمتلك إلا قدراتي الذاتية التي مهما بلغت قوتها فهي ضعيفة في هذه المواجهة وتعد بمثابة أسلحة شخصية.
لذا، لم يكن أمامي سوى الانصياع، ولكن على نحو يتظاهر باللامبالاة ورباطة الجأش. مخافة أن يلجأوا إلى جري من شعري، الذي كان ملائما للجر حينها، لأنه كان يتجاوز كتفيَّ، وإهانتي وإذلالي على مرأى من الطالبات والطلبة.
فقلت له:
– تحساب روحك تخوف فيا!. هيا!. نمشي معاك وين ماتبي!. ما تخوفنيش!.
سرنا في الممر. قال لي:
– انى نعرفك كويس!.
– انت ما تعرفنيش. ولو حدث تو أي نقاش حقيقي حنثبتلك أنك ما تعرفنيش.
الحقيقة أنه أظهر قدرا واضحا من الانضباط والتحكم في انفعالاته بحيث لم يعلُ صوته وكان صوتي أعلى!.
قادوني إلى وحدة اتحاد الطلبة بإدارة كلية الآداب.
عند الباب تأخر أحمد إبراهيم، آمرا أحمد النويصري بالدخول معي. طبعا كان أمر تأخره عن دخوله معنا مثار شكوك واحتمالات غير سارة عندي.
دخلنا الغرفة. كان بها مكتب على يسار الداخل ومكتب آخر محشور في زاوية على اليسار يبدو أن وضعه هناك مؤقت.
خلف المكتب الأول كرسي، وأمامه، ملاصقا لركن المكتب، كرسي مكاتب أسود اللون. وثمة كراسي صالون ذات لون بني فاتح، وهو، بالمناسبة، من الألوان التي أحبها!.
تخيرت الجلوس على الكرسي الملاصق للمكتب والذي يعطي ظهره للباب. اتكأت بمرفقي على المكتب واضعا رجلا على رجل. ولابد أن هذا الوضع، إضافة إلى المعطف البني ذي الفرو الذي كنت أرتديه، أسبغ عليَّ قدرا، ولو ضئيلا، من المهابة المعززة لدفاعاتي.
إقرأ أيضاً: