موائد البنك المركزي
سليمان الشحومي
احتدام الصراع بين محافظ البنك المركزي ووزير المالية و”صار علي عينك يا تاجر” كما يقال، وزارة المالية هي المسؤول عن إدارة المال العام وفقا للقوانين واللوائح عبر الميزانية العامة التي يفترض أن تكون لها أهداف محددة وقابلة للقياس وأن تكون شاملة لكافة أوجه الإنفاق العام على جميع المستويات، وللأسف كل هذه المبادئ والأصول المهنية أهدرت بسبب انقسام المؤسسات وظهرت الترتيبات المالية كتخريجة مبتدعة من الاتفاق السياسي كان هدفها ترتيبات مؤقتة و محدودة ولكنها أصبحت قاعدة وليس استثناء لعدد من السنوات حتى الآن.
هذه الترتيبات جعلت من محافظ البنك المركزي والذي أساسا يمارس مهامه خارج إطار القانون ومنفردا و بشكل استثنائي، جعلته هو من يقرر متى يشاء وأينما شاء وكيفما شاء مصير صرف مرتبات الليبيين ، فهو يقرر تقليص الإنفاق على المرتبات وحده ودون وجود سند من القانون وربما يشير إلى توقف النفط وعدم اعتماد الترتيبات المالية ويطالب بتعديل مشروع الترتيبات حتى يستمر بالصرف على باقي البنود كل ما يقوم به مخالف تماما سواء للقوانين أو حتى الأعراف.
الحال في الاقتصاد الليبي صار يعاني من تغول أطراف على حساب أطراف أخرى وأخلّ إخلالا جسيما بآليات العمل المالي والرقابة عليه وانضباط واستقرار المؤسسات الحاكمة والمنظمة للاقتصاد.
بحكم القانون المركزي مستشار للحكومة ولكنه بات بحكم الواقع المرير والانقسام وبرغم أنف وزارة المالية هو وزارة المالية والبنك المركزي معا، وإذا كان الهدف من تحديد ما يصرف من أموال الحكومة والتي تديرها وزارة المالية هو معالجة الإفراط ببند المرتبات فذلك يتطلب قرارات حكومية وليس قرارات من محافظ البنك المركزي وإذا كان الأمر مرتبط بإصلاح اقتصادي فالأنسب للمركزي أن يركز على توحيد سعر الصرف على الجميع ويكتفي بذلك طالما صار يستطيع أن يقبل أو يرفض ما تحيله وزارة المالية بسند من القانون للصرف .
في تقديري استمرار إيقاف تصدير النفط يحتم على المركزي أن يتيح عائد ضريبة بيع الدولار لتمويل الميزانية لا أن يستخدمه في إطفاء الدين العام كما يريد فذلك لم يعد له محل الآن ويربك عمليات الإنفاق وعلى رأسها المرتبات التي لا تحتمل التأخير وخصوصا في الوضع الراهن.
قادم الأيام سيكون مليئا بالصراعات والإرباكات وتجمع الليبيين خصوصا الموظفين على موائد البنك المركزي.