مهتمون يتحدثون لـ218 عن علاقة المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل
218| خلود الفلاح
يرى الكثيرون أن المنافسة بين مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية في ازدياد، فكل وسيلة تعمل على الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور، فأدخلت تعديلات على الشكل والمضمون؛ لتستطيع مجاراة الثورة الرقمية في منصات التواصل الاجتماعي.
من هنا، طرحنا السؤال، هل هناك حالة من التنافسية بين المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي؟
في هذا التقرير تحدث مهتمون عن وسائل التواصل الاجتماعي، كأداة مكملة وأنه لا وجود لأي منافسة.
ميزة المشاركة والتعليق
لا يميل رئيس قسم الصحافة بجامعة الزيتونة، الدكتور الليبي عادل المزوغي، إلى أن يكون هناك تنافس بين ما يُسمى الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، ويلفت المزوغي إلى أن التنافس كان موجودًا دائمًا، وسيظل بين الصحفيين عمومًا، بغرض إنتاج المحتوى الأفضل.
مستطردًا: “نخطئ إذا نظرنا إلى وسائل الإعلام بمعزل عن المحتوى الذي تقدمه، وبالتالي لا يصحّ أن ننظر إلى وسائل الإعلام الجديد، بما فيها المواقع الإلكترونية وقنوات اليوتيوب، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي على أنها منافس، بل هي أدوات مُكملة لمسيرة الإعلام، فالقصة الجيدة والخبر الحقيقي سيصل إليها القارئ مهما اختلفت منصة تقديمه”.
وأفاد الشاعر السوري عمر الشيخ ـ وهو الصحفي والمحرر الرئيس لموقع “أضواء المدينة” للشعر ودراسته ـ في هذا الصدد ” إذا كان القصد بالنسبة للشعر، فالمنافسة جيدة ورابحة في كل الأحوال بسبب تدهور حال الشّعر الحقيقي، تقريبًا ورقيًا، ومعنويًّا. وضرورة وجوده على منصات افتراضية الآن، هو شكلٌ من أشكال الإنعاش”.
وعلى جانب آخر ـ يتابع الشيخ ـ أمّا بخصوص النوعية، فالأمر يحتاج إلى دراسة شاملة على عينات وتجارب، نحصي من خلالها عدد المواقع الإلكترونية المختصة بالشعر فقط، لنرى إحصائيات الوصول والتفاعل والتأثير، وبرأيي مواقع التواصل الاجتماعي، جزء من المواقع الإلكترونية، ومنصة رديفة للمحتوى الجدّي والجيّد المقدّم، سواءً كان إخباريًا أو أدبيًا، لأن المنصة الافتراضية (فيس بوك أو انستغرام أو تويتر…) هي منصة تواصل وليست منبرًا حقيقيًا له بنية وهيكلية وسياسة تحرير وهوية موقع إلكتروني ناطق بمحتوى محدّد.
وبحسب الصحفي الليبي عبد السلام الفقهي؛ تُبنى أسس التقاطع والاختلاف بين المواقع الالكترونية وصفحات التواصل، على الميزة التي يمثلها كل منهما للمستخدم والغاية من الانشاء، ينهض الاثنان في شراكتهما على تلبية الطابع الخدمي والثقافي والتجاري، غير أن المراحل والمتطلبات الواجب توافرها في الأول، والتي يتدخل فيها أيضًا الرسوم المالية لا توجد في الثاني (فيس بوك، انستقرام.. الخ) وهو ما يمنحها زخم الاشتراك والتفاعلية.
ويضيف: “ما يمكن ملامسته على صعيد الفعل الصحفي والثقافي بشكل عام ينحى في اتجاهاته نحو الأخير، بفعل ميزة المشاركة والتعليق، والحجب والتعديل والإضافة، وكذا سرعة النشر والانتشار أيضًا، وكيفما تمنح هذه الممارسة قرب الكاتب من مادته وقدرته على التواصل مع القارئ تمنح الآخرين ممن لا يملكون مقومات الكتابة، الإحساس بهذا الدور دون إدراكهم لقيمة المحتوى وفهمهم لمآلات عنصر النشاز المتسرب عبر صفحته، وذلك لا يحصل في الموقع بحكم محتواه الانتقائي الخاضع لفلترة المشرف ووعيه بالشروط الواجب توافرها في النص، ولكن يبقى السؤال متواصلاً في الإضافات التي تقدمها المواقع المتخصصة للكاتب”.
منصة وموقع
ويعتقد عمر الشيخ، أن القارئ الجدّي، هو قارئ المواقع الإلكترونية، حسب التخصص، فهي تحدّ من انتشار الشائعة أحيانًا إذا كانت واضحة الهوية، وتكون لديها مصادر واضحة ومتاحة وسياسية تحرير وجهد صحفي مهني.
وحول المنصات الاجتماعية يقول: “بسبب سهولة إطلاقها وتمويل إعلاناتها قد لا تحمل من الجدية ما تقنعني شخصياً مهما كان المحتوى، هنا يمكنني الإشارة إلى فيض الفيديوهات، وذكاء المواد المختارة والمرتبطة ببنية كاملة من العمل المستمر وليس تلك القائمة على الارتجال، كما يحدث كثيرًا في صفحات فيس بوك، مهما كانت موثقةً بعلامة زرقاء أو رمادية، هي بالنهاية منصة رديفة، ولا أعتبرها مصدرًا دون أن تلتحق بموقع أو أشخاص لهم مصداقيتهم ومواقعهم”.
وتحدث عبد السلام الفقهي عن أن التجربتيْن (المنصة الاجتماعية والموقع الإلكتروني)، تقتضيان الاستناد عبر التواصل بالرابط، وبذلك تتوفر للمتلقي إمكانية التعامل مع الجناحين للمادة ذاتها وتتعزز خيارات التقنيتيْن في توظيف أدواتهما وهو ما يحدث في بعض المنصات. إذ لا نتحدث عن منافسة بقدر ما نكون معنيين بدمج الفوائد وتحسينها.
فيس بوك، الواتساب، والتيلجرام
ويوضح عادل المزوغي، أن المواقع الإلكترونية الليبية لا تعاني من موضوع المنافسة بقدر معاناتها في صنع المضمون الصحفي الذي تعتمد في الغالب فيه على ما ينشر فقط في مواقع التواصل الاجتماعي وهذه إشكاليةٌ كبيرةٌ لابد أن تتجاوزها المواقع الإلكترونية الليبية لأن نجاحها واستمرارها يعتمد، بشكل كبير، على ما تقدمه في إنجاز أخبارها ومضامينها الصحفية باعتمادها على نفسها وعلى طاقم التحرير الذي يشتغل فيها، غير ذلك ستبقى منصات جامدة، حتى وإن قامت بترويج الروابط في صفحات وحسابات تحمل اسم مواقعها على مواقع التواصل الاجتماعي بغية جلب الزوار والمتابعين؟
ويتابع: الإعلاميون والصحفيون هدفهم الأسمى ليس بيع الورق وإنتاج البث التليفزيوني، بل صناعة المحتوى القيّم والثري، ووجود هذه المنصّات الاجتماعية إلى جانب وسائل الإعلام التقليدي والإلكتروني وانتشارها يوفر جوًا مثاليًا لذلك، فهي لا تُشكّل خطرًا على قطاع الإعلام والصحفيين، إنما تساعدهم لتقديم أفضل ما لديهم، فالقصة الإخبارية إذا نجحت، يمكن أن تنتشر حول العالم في دقائق معدودة، بوساطة ما نشهده من أدوات تكنولوجية مختلفة وشبكات اجتماعية متنوعة لقد تعاملت مؤسسات الإعلام الإلكتروني بكثير من البراغماتية مع وسائل التواصل الاجتماعي لجلب الزوار عبر ترويج روابط تلك المواقع في صفحات وحسابات تحمل اسم المواقع الاجتماعية، وهي ظاهرة لا تزال حاضرة بقوة، فلا يمكنك أن تتصوّر حاليًا، أيّ مؤسسة صحفية تملك حضورًا على الإنترنت، تُهمل وجودها في هذه الفضاءات.
وعن تجربته يقول عمر الشيخ: موقع أضواء المدينة للشعر، الذي أطلقته منذ أواخر 2019 وأتطوع في تحرير محتواه بالتعاون مع عدد من الأصدقاء، باللغتيْن العربية والإنجليزية، حتى الآن، يظهر مدى تفاعل القارئ مع محتوى موقع مختص، ومحدد، وأجد من صفحة الموقع الرديفة على فيس بوك، مثلاً، فرصة لتوصلنا مع العالم على مختلف أطيافهم وانتمائهم، وبالتأكيد هناك من يلج الموقع من خلال ما نرسله على منصة تيليغرام التابعة للموقع، وكذلك بقية منصات التواصل من (الواتس اب والفايبر) فالسبيل الأكثر جدوى بالتفاعل هو أن ترسل رابط المواد المنشورة إلى المهتمين عبر فيس بوك أو الإيميل أو أي وسيلة أخرى، فالدخول إلى الموقع يكون من خلال الروابط التي ننشرها على صفحة أضواء المدينة في فيس بوك.
ويرى الشيخ، أن أي وسيلة تواصل لها مهمّة توصيل الروابط ولا يمكن أن تلعب دور منبر محتوى جاد، هي أداة تواصل يجب الانتباه لمدى قوتها وصناعة ترويجها للولوج إلى الموقع الإلكتروني المرتبط بهذه الصفحة أو ذاك الحساب.
في أضواء المدينة للشعر، ننشر جزءًا من النصوص على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن كان مهتمًا؛ يمكنه اتباع الرابط لقراءة كامل المحتوى، وهذا أجده أمرًا جيدًا وتفاعلاً مقبولاً.