من ينقذ الليبيين من “مرض السوشيال”؟
منى الفيتوري
“ما يدوم الحال.. وكان دام الحال ما ندوموله”، مثل ليبي عميق عن استحالة ثبات الفكرة أو الأدوات التي يملكها البشر، وهذا الحال ينطبق على التحول الكبير الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا التي باتت أشبه بمصدر أساسي للحصول على المعلومة، ومن خلال متابعتي وجلوسي لساعات في تصفح الإنترنت، وجدت أن الخطر يكمن في أن “الأخبار المغلوطة” وجدت طريقة سهلة للتغلغل في المجتمع دون قيود أو شروط، وقد يحتاج تصحيح المسار للكثير من الجهد لبناء ما “دمّره” الاستخدام الخاطئ لهذه الوسائل.
وبعد أن استوقفتني هذه الحالة، أخذت بالبحث أكثر عن “صراع السوشيال” في الصفحات الليبية، ووجدت أنها تحولت إلى بيئة خصبة تمنح فرصة ذهبية لـ”مطلقي الإشاعات والأكاذيب” للوصول إلى أكبر شريحة دون الكثير من الجهد، وبالتالي أصبح مجتمعنا رهينا لـ”بوستات” مزيفة تخترق العقول وتسكن فيها.
وبمجرد أن نُحصي عدد الأخبار والمعلومات التي تمر علينا يومياً وكيفية تفاعلنا معها، ثم نكتشف أنها كانت مجرد “أخبار كاذبة”، وأن الهدف ربما هو رغبة إحدى الصفحات في تحقيق “الانتشار” فتقوم بنشر خبر كاذب ليجد طريقه بسهولة للنشر في ظل وجود “مواطن بسيط وزر الشير”، وقد تكون الأسباب من وراء “الخبر” أشياء أخرى كالتشهير أو التسلية أو بث الخوف والرعب في قلوب الناس؛ لذلك وجب علينا الوقوف أحياناً عند كل خبر والتفكير قليلاً، هل هذا الخبر بالفعل حقيقي؟
مؤخراً شاهدنا تداول خبر قامت بنشره بعض الصفحات الليبية عن طبيب مصري اسمه أحمد ماضي كان نائباً لمدير مستشفى الصدر بالمعمورة في الإسكندرية، ثم بعد ذلك تولى العمل مديراً لمستشفى العزل الصحي بالعجمي”، وفقاً لوسائل إعلام محلية. هذا الطبيب كتب رسالة مؤثرة جداً قبل وفاته متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، تداولها العديد من الأشخاص على منصة التواصل الاجتماعي ” الفيسبوك” وأشاروا إلى أنه اختصاصي أمراض صدرية ليبي يعمل في مستشفى الكويفيا للأمراض الصدرية في بنغازي.
وعلى الرغم من أن الخبر آنذاك كان مضى عليه أسبوع في المواقع الإخبارية، لكن انعدام البحث عن المصادر وعن مصداقية الخبر جعلت منه “خبر الساعة”، وربما اسم عائلة للطبيب “الماضي” ساعد في تصديق الخبر إذا أن ليبيا فيها قبيلة تحمل نفس اسم عائلة الطبيب المصري، وفعلا أحدث الخبر صدى واسعا وبث الخوف في قلوب أهالي بنغازي.
ما استنتجته في الفترات الأخيرة، أن صانعي الخبر الكاذب قد يحتاجون إلى خبر حقيقي لتحريفه وتغيير بعض الحقائق فيه لتصبح إشاعة مؤثرة ويحتاجون أناسا تصدق هذا الخبر دون بحث عن المعلومة، وربما يكون الخبر مضللا ومعلوماته كلها مزيفة وهذا يكون لأجل الشهرة فلا يهم إن كان الخبر صحيحا أو كاذبا ليتم تداوله وكأنه سبق صحفي للحصول على عدد كبير من “اللايكات والتعليقات”.