من يعرقل “المسار الانتخابي” في ليبيا؟
وصف سياسيون ليبيون، أن التهديد الأميركي الذي صدر مؤخراً بمعاقبة المعرقلين للمسار الانتخابي في ليبيا، غير فعال، ولا يمكن تطبيقه على كثير من الشخصيات.
ورأى السياسيون، أن حكومة الوحدة، منشغلة بإبرام الاتفاقيات الدولية، وانخراطها في إصلاح ما تهدم.
وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، الذي وصف التهديد الأميركي بأنه غير مجدٍ، لصحيفة “الشرق الأوسط”، “إنه لا بد أولاً من تحديد أسباب العرقلة حتى لا نبدو وكأننا نبحث عن معرقلين وهميين”.
ورأى أوحيدة، أن العرقلة “مصدرها السلطة التنفيذية التي جرى اختيارها في ختام ملتقى الحوار السياسي، والتي كان من المفترض أن تلتزم بالاختصاصات التي وردت في بنود هذا الملتقى، وهي تنفيذ كل الإجراءات المطلوبة لإنجاح خريطة الطريق، الهادفة للوصول للانتخابات في موعدها المقرر”.
وتساءل عضو مجلس النواب،: “لماذا لم تصدر السلطة التنفيذية قرارات واضحة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد وحل التشكيلات العسكرية؟ علماً بأن كل هذه الأوضاع والكيانات تعرقل الانتخابات”.
واعتبر أوحيدة أن “السلطة التنفيذية تركت الأولويات وانطلقت نحو مباشرة خطط التنمية، ودراسة العقود والاتفاقيات، وباتت تتصرف وكأنها باقية لسنوات وليس لشهور، وهذا يدل على عدم جديتها، أو رغبتها في تغيير الوضع الراهن”.
وطالب عضو مجلس النواب، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط عليها “لتتحرك وتصدر تلك القرارات”.
وألقى أوحيدة، بالمسؤولية على قيادة البعثة الأممية لدى ليبيا، بقوله: “مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اتفقا خلال اجتماعات الغردقة المصرية على الاستفتاء على مسودة الدستور، وإمكانية وضع قاعدة بديلة إذا ما تم رفضها شعبياً، لكننا فوجئنا بأن المبعوث الأممي يان كوبيش لجأ إلى اللجنة القانونية لملتقى الحوار لتطرح لنا مقترح قاعدة دستورية، ستؤدي بنا إلى مرحلة انتقالية جديدة، وهذا من الصعب القبول به”.
من جهتها، دعت عضو ملتقى الحوار السياسي، لميس بن سعد، الأطراف السياسية إلى “عدم الاستهانة بالتهديد الذي أطلقته المندوبة الأميركية، والتعامل معه بجدية”.
وأوضحت بن سعد، في حديثها لـ”الشرق الأوسط”، أن هناك “اهتماماً واضحاً من قبل الإدارة الأميركية بملف الانتخابات، وضرورة إجرائها في موعدها المحدد، ونظراً لهشاشة الوضع في ليبيا، ومعرفة الجميع برغبة أطراف عدة في عرقلة الانتخابات، بات المجتمع الدولي، والأطراف الفاعلة تحديداً، تطلق تهديدات بخضوع المعرقلين لقائمة العقوبات، وذلك كنوع من التحذير المبكر بعواقب المساس بالعملية الانتخابية”.
وأضافت عضو ملتقى الحوار السياسي، لميس بن سعد، أن “الشكوك والمخاوف موجودة في الشارع الليبي، لأن الجميع يعلم كيف عمدت أغلب الشخصيات والمجالس التشريعية والتنفيذية إلى تمديد صلاحياتها، وفترات عملها طيلة السنوات الماضية، وبالتالي بات لديهم تخوفات من تكرار هذا السيناريو”.
من جانبه، وصف المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، حديث المندوبة الأميركية بأنه «لا يحمل أي جديد، ويتماشى مع تصريحات أخرى دأب على إطلاقها أكثر من مسؤول أميركي وأممي خلال الفترة الأخيرة حول الانتخابات، والأوضاع بشكل عام في البلاد.
وأشار فركاش لـ”الشرق الأوسط” إلى أن “العقوبات المتوافرة للولايات المتحدة للجم المعرقلين غير فعالة لبعض الشخصيات”.
وأضاف المحلل السياسي، إن المطالبة بـ”العزل السياسي للمعرقلين أمر يتطلب توافقاً دولياً”. وشكك في وجود إجماع دولي بخصوص إجراء الانتخابات، “وذلك رغم كثرة المواقف المعلنة من دول عدة حول هذا الأمر”.
ودعا فرج فركاش، الجميع بالداخل والخارج لمراجعة موضوعية لموعد الانتخابات، إذا ما كانوا بالفعل ينشدون مصلحة ليبيا.
وتابع المحلل السياسي فرج فركاش حديثه بالقول: “الجميع يدرك أن الانتخابات ليست هدفاً، بل وسيلة للتغيير والانتقال لمرحلة دائمة لا انتقالية”.
ورأى فركاش، أن “المرحلة الدائمة لن تنجح إلا ببذل الجهد لتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية أولاً، وتفكيك التشكيلات العسكرية، وإعادة دمج من يصلح من عناصرها بشكل فردي ونظامي في مؤسسات الدولة، ما يسهم في إنهاء أزمة انعدام الثقة بين الأطراف على الساحة السياسية، ويمهد لأجواء من المصالحة الوطنية، وعودة المهجرين والنازحين وبالتالي إجراء الاستفتاء على الدستور”.
وختم فرج فركاش حديثه للصحيفة، “النجاح في هذه الخطوات سينعكس إيجابياً في الدفع لإخراج القوات الأجنبية و(المرتزقة)، ومن ثم إجراء انتخابات عادلة ونزيهة دون أي تهديد ومضمون القبول بنتائجها.. وأن تأجيل موعد الانتخابات قد يكون خياراً أفضل من التمسك بموعد تم اختياره بشكل غير مدروس، لأن ذلك لن يؤدي إلا لترحيل الأزمة، وللأسف ربما لمستويات أكثر تعقيداً وعنفاً”.