مظاهرات فرنسا..مقاربة بين باب العزيزية و الإليزيه
تقرير218
هذه ليسَت سوريا أو العراق أو ليبيا، صَدِّق إنها في قلبِ العاصِمة الفرنسيّة التي تَعيشُ أيامًا عصيبةً على حكومَةِ إدوار فيليب والرئيسِ الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أن أَعلَنت حركَةُ الستراتِ الصفراءِ الخروجَ احتجاجاً على الأوضاعِ الاقتصاديّة ورفعِ ضريبَةِ الهيدروكربون.
وُتعدُّ المرّةَ الوحيدةَ التي خرجَ فيها المتظاهرونَ في شارع الشانزيليزيه في باريس منذُ العام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيَةٍ وتسعون، حينَ خرَجت مُظاهرَةٌ حاشدةٌ تأييداً لأحدِ رِجالاتِ فرنسا، الرئيسُ السابِق شارل دوغول عقبَ الفترَةِ الحَرِجة التي هَزَّت فرنسا قبل عُقود، ما يَعني أنَّ ماكرون وحكومَةَ إدوار فيليب يعيشانِ زلزالا بكلِّ ما تَعنيهِ الكلمَة. في مشهدٍ بَدا وكأنَّهُ يُعيدُ ما كانَت تعيشُه دُولُ ربيعِ الثورات.
ثلاثمِئة ألفٍ وأكثر نسَّقوا فيما بينَهم عبرَ مواقِعِ التواصلِ للخُروجِ في موعدٍ مُحدّدٍ للتعبيرِ عن احتياجَاتِهم، بينما تقولُ عنهم الحكومَةُ الفرنسيّةُ أنّ زعيمةَ اليمين المتطرِّف مارين لوبان تَدعَمهم، وتتَّهِمهَا بشكلٍ مُباشَر في كونِها السببَ الرئيس لهذهِ الاحتجاجات، وهُنا بإمكانِ الليبيين على وجهٍ خاصّ ودول الربيع على وجهٍ عام، مقارنَةَ الحدثِ بتفاصيلِه كما في دُوَلِهِم في العام ألفين وأحد عشر.
في العالَمِ المُوازي، بإمكانِ الرئيس ماركون الاتصال بالأطرافِ الليبيّة أو بأحدِ قادَةِ الجماعاتِ المُسلّحة في ليبيا، والتشاور معَهم في إمكانيّةِ أن تستضيف طرابلس لقاءً يجمعُ أطرافَ النفوذِ، أو الاستفادَة من سنواتِ الثورَةِ الليبيةِ كما يقول نُشطاء على مواقعِ التواصل في ليبيا، وأخذِ الدروس والعِبر من دولِ الربيع التي خانَهَا بعضُ مناضليها السابقين، والاكتفاء بالقولِ لعاصمَةِ النُّورِ التي تنطَفِئ بوتيرةٍ هادئَة: اليوم تعادلَ الكرواسان أمامَ الخُبز، على أرضِ الثَّورات.