مطلبكَ جانبهُ الصوابُ يا سيالة !
عبدالوهاب قرينقو
لم تمض ثمانية وأربعون ساعة على هجوم ثلاثة انتحاريين أجانب من داعش على وزارة الخارجية -في قلب العاصمة طرابلس- حتى طالب وزيرها سيالة المجتمع الدولي بالسماح بتوريد السلاح إلى ليبيا.
العاصمة نفسها التي تشهد بين الحين والآخر معارك طاحنة تستعمل فيها جميع أنواع الأسلحة تتيحها وفرة منها بيد عشرات التشكيلات المسلحة.. معارك تثير كلما نشبت حالة من الرعب بين أهالي المدينة ومحيطها، وتخسر البلاد كل مرة عشرات الضحايا الأبرياء الذين لاناقة لهم ولاجمل في هذه المعارك العبثية في ماراثون الصراع على مناطق النفوذ والمغانم، في مدينة تتمركز فيها مؤسسات الدولة السيادية، وإدارات وهيئات البلاد.
مطالبة سيالة تطرح تساؤلات عدة في الشارع الليبي ونخبته على حد سواء عن التوقيت بمعنى المطالبة حين وصلت النيران مكتب الوزير، وعن مغزى هذا الطلب وأين هي الوزارة والحكومة من استحقاقات أهم تضع حداً لهذه الهشاشة الأمنية في العاصمة وعموم البلاد.
الهجوم الأخير لا يشي إلا بمزيد من الريبة واللامعقولية لو عرفنا بحجم التحوطات الأمنية المشددة والقبضة القوية على مداخل المقر ومخارجه حين يخترقه ثلاثة إرهابيين بهيئات مريبة، لاسلاح لهم سوى ثلاث بنادق آلية رشاشة.
مع وعد الحكومة بالتحقيق يطرح الليبيون ألف سؤال عما حدث وأين هي نتائج التحقيقات السابقة في الهجوم الإرهابي على المؤسسة الوطنية للنفط وقبله على الهيئة الوطنية للانتخابات.
“هجومات تحدث في أحسن الدول”، يقول قائل! .. ولكن أحسن العائلات تلك، مع خروقات كهذه، تتدخل نخبة قوتها المسلحة الخاصة أو كحد أدنى قوات شرطة خاصة -والتي أجهض مشروعها في ليبيا- وهي ماكانت تعرف بالـ “دعم المركزي”.. وليس عناصر غير نظامية وإن شرعنتها الحكومات المتعاقبة تحت الضغط والغلبة والوعيد .
من هنا كان حرياً بسيالة ومن وافق طلبه في رفع الحضر عن السلاح أن يُركز مجهوده الرئيسي ومساعي حكومته نحو تفعيل المؤسسة العسكرية (القوات المسلحة) ودعمها وتقوية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ووضع جدول زمني لنزع سلاح التشكيلات المسلحة، ومن ثم حلها وعودة العناصر إلى حياتهم المدنية وتجنيد الأكفاء منهم بشكل فردي ومُوزّع على وحدات مختلفة لا بشكل جماعي بعد تدريبهم وتأهيلهم وتحويلهم إلى نظاميين .. غير ذلك سيظل مجرد حرث في البحر وصرخة في واد مهجور لن يسمعها أحد.