مصدر مطلع يكشف تفاصيل “رحلة الموت” للمهاجرين في ليبيا
كشف مصدر مطلع على أنشطة تهريب البشر عبر “رحلة الموت” للمهاجرين، وأوضح المصدر، في حديثه لـ”موقع مهاجر نيوز”، عن مدخلين رئيسيين للمهاجرين إلى ليبيا، الكُفرة للقادمين من السودان وسَبها للقادمين من تشاد.
وأضاف المصدر المطلع، بقوله: “يتم إيصال المهاجرين، القادمين بمعظمهم من السودان، إلى عدد من المزارع المعروفة هناك (لن نذكر اسمها حاليا)، حيث تبدأ عملية “السمسرة” على المهاجرين. في بعض تلك المزارع، يصل عدد المهاجرين إلى أكثر من 200، يقيمون في ظروف مزرية جدا”.
وأشار المصدر، إلى أن الرحلة تبدأ لهؤلاء المهاجرين من منطقة في أم درمان في السودان اسمها “سوق ليبيا”.
وتابع المصدر المطلع، حديثه للموقع المتخصص بملف الهجرة غير القانونية، أن عربات دفع رباعي تابعة لقوات التدخل السريع السودانية، أو ما يعرف بـ”الجنجويد”، تنقلهم إلى منطقة حدودية اسمها جبل العوينات، بين مصر وليبيا والسودان، ومن ثم يتم تسليمهم إلى أفراد من قبائل التبو يأخذونهم مباشرة إلى مدينة الكُفرة، ومن هناك يبدأ البيع.
وتطرق المصدر، إلى أمر آخر في كشفه لأنشطة المهربين في ليبيا، وهو أن “هؤلاء ومن يحضرون عملية البيع على المهاجرين اسم “البضاعة”.
وكشف المصدر، أن بعض المهاجرين يتم شراؤهم من قبل مسلحين من المجموعات المسلحة في المنطقة الشرقية، ويأخذونهم إلى منطقة “نسمة” حيث يخضعون لعملية بيع ثانية، ليتم أخذهم مرة أخرى و”تخزينهم” في مجمعات كبيرة تتسع لـ200 أو 300 شخص.
ويقسّم “تجار البشر” المستوعبات حسب الجنسيات، وفقا لما لما ذكره المصدر المطلع، “فلكل جنسية آلية تعامل وسعر”.
وعن المعاناة الأخرى التي يعيشها المهاجرين في الكفرة، فهي عند خروجهم بحثا عن أي أعمال، ليتمكنوا من الحصول على المال، لشراء الطعام، حيث تتم عملية استغلالهم من قِبل أصحاب العمل، الذين يعمد بعضهم إلى بيع هؤلاء المهاجرين لمهربين يحتجزونهم ويطلبون منهم الاتصال بأهاليهم لإرسال الأموال من أجل إطلاق سراحهم.
وهناك مهاجرون آخرون، تم وصفهم بـ” المحظوظين” الذيبن يملكون المال لتسهيل وشراء طريقهم في بعض “مدن التهريب” الرئيسية، كطرابلس أو غرابوللي أو زوارة. ولكن هذا الحظ، لا يمكث كثيرا، بسبب أحداث ومآسي قد تُغير حياتهم للأبد.
وعن عمليات إدخال المهاجرين إلى “أماكن التخزين”، كشف المصدر المطلع، أن هذه العمليات تتم بعد تفتيش دقيق يشمل “التجريد من الملابس ومصادرة كافة مقتنياتهم (أموال، هواتف…) بحجة الاحتفاظ بها في الأمانات (طبعا كافة تلك المقتنيات تصادر بشكل نهائي).”.
وبعد عمليات التجريد، أوضح المصدر المطلع، “يتم نقلهم إلى جوار مدينة إجدابيا، حيث يستلمهم مهرب آخر يدخلهم المدينة ويضعهم في “حوش”… خلال عملية التنقل، يمكن تشبيه المهاجرين “بالطريدة”، فكل مدينة يمرون بها هناك عصابات، إذا صادفوهم سيأخذون كل ما لديهم ويأخذونهم إلى “مخازن” خاصة بهم، حيث يتم احتجازهم ليباعوا من جديد”.
وفي أجدابيا، تبدأ معاناة أخرى، في البحث عن قوت يومهم، في “البحث عن سبل تمكنهم من تأمين قوتهم، وهذا وفقا لحظ المهاجرين حسب المنطقة التي يتم إنزالهم فيها. كل منطقة مخصصة لإحدى الجنسيات، وفي كل منطقة “حوش” يستقبل المهاجرين مقابل بدل، فإما الدفع أو الطرد”.
وفي أغلب الأوقات، يتوفر لدى المهاجرين حمّام واحد والطعام نادر، مع الحشرات التي تتواجد بكثرة في تلك البيوت، “ما ينعكس على صحة المهاجرين النفسية والجسدية، فيصاب معظمهم بأمراض جلدية وتنفسية وغيرها، فضلا عن الآثار النفسية التي يعانون منها بسبب الفترة التي يقضونها هناك”.
وينقسم “المهربون” في أجدابيا، إلى اختصاصات، “فكل مجموعة متخصصة بجنسية معينة، ولكل مجموعة قنوات اتصال مع الشرطة هناك”، وفقا لما نقله “مهاجر نيوز”.
ويتمكن هؤلاء “المهربون”، “من تأمين نقل المهاجرين إلى طرابلس بأمان، دون أن يكونوا عرضة للضبط من قبل الشرطة. طبعا هذا بالنسبة إلى المهاجرين الذين يملكون جوازات، فالعملية تتم كالتالي: يأخذ المهربون الجوازات إلى الشرطة، حيث يستصدرون أوراقا تثبت أنهم عائدين إلى بلدانهم، فيقومون بنقل المهاجرين إلى طرابلس”.
ووصف المصدر، هذه الرحلة بأنه “رحلة العذاب” في بدايتها… وأن “هناك الكثير من الجرائم التي ترتكب بحق المهاجرين المتواجدين على الأراضي الليبية والتي سيتم التطرق لها في حلقات لاحقة تتابعهم في رحلتهم”.
وتتخذ عمليات التهريب في ليبيا، طابعًا دوليا في بعض الأحيان، “مع تنسيق بين تلك الشبكات ونظيراتها في أماكن أخرى في العالم”، وتتوزع شبكات التهريب في ليبيا بين المناطقية والإقليمية والوطنية.
وتحفظت “مهاجر نيوز” على ذكر اسم مصدره في ليبيا، حفاظا على سلامته، وهو المصدر المطلع على سير عمل إحدى تلك الشبكات، وقد “أدلى بالكثير من التفاصيل المدعمة بالوثائق والفيديوهات والتسجيلات الصوتية، تفند عمل تلك الشبكة وأنشطتها”.