أخبار ليبيااهم الاخبار

مسار هيمنة التدخلات الخارجية على ليبيا منذ 2011

تقرير| 218

تحل الذكرى الثامنة لثورة 17 فبراير ويستحضر معها الليبيون معاناتهم في سنوات ثمانية لم تشهد فيها بلادهم انفراجة حقيقية في أزمتها القائمة حتى اليوم.

وبدت ليبيا التي كان التنافس عليها بين القوى الإقليمية والدولية حاضرا منذ بدء الاحتجاجات التي أطاحت بحكم القذافي الذي امتد أكثر من أربعة قرون، مسرحا للصراع بين فرنسا وإيطاليا اللتين اتسم سلوكهما فيها طوال هذه السنوات بالتغير والدينامية بحسب ما يستجيب لمصالحهما ويحقق أهدافهما في هذا البلد الغني بالذهب الأسود.

وبات الصراع الخفي مكشوفا للعلن ليصل إلى حرب كلامية بين مسؤولي البلدين كشفت مدى تناقض المصالح بينهما في الساحة الليبية وهو ما دفع المفوضية الأوروبية إلى دعوة كل من فرنسا وإيطاليا إلى تجنب التصعيد الكلامي بينهما وتوخي الحوار والتعاون بدل التعليقات وتبادل التهم.

وبالرجوع إلى التدخلات الخارجية في ليبيا فقد مثل التدخل العسكري لقوات حلف شمال الأطلسي الناتو أول التدخلات التي وإن أسهمت بشكل كبير بالإطاحة بحكم القذافي فإنها لم تنته بانتهائه، بل استمرت خصوصا مع تعثر العملية السياسية  نتيجة الحرب الداخلية وهو ما شكل فرصة لتدخل قوى خارجية بعضها قدم الدعم المالي والسياسي لأطراف داخلية وبعضها الآخر قدم الدعم العسكري واللوجستي وكلاهما بما يخدم مصالحهم و يقوي نفوذهم في البلاد.

وباتت حدود ليبيا سواء الجنوبية أو الغربية تمثل تهديدا لأمن دول الاتحاد الأوروبي التي لطالما ربطت أمنها القومي بالجغرافيا الليبية وسعت لدعم خفر السواحل الليبي من أجل إيقاف تدفق قوارب المهاجرين إليها.

ليبيا
ليبيا

وفضلا عن العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تقوم بها روما وباريس انطلاقا من الأراضي الليبية. حاولت فرنسا طوال السنوات الماضية زيادة نفوذها بدءا مع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي مرورا بفرانسوا هولاند وصولا إلى إيمانويل ماكرون الذي عبر صراحة في أحد حواراته مع صحيفة لوموند الفرنسية عن أن ليبيا من أولوياته .

وتجسدت أولويات ماكرون واقعيا من خلال سعيه للدفع بالعملية السياسية في البلاد وجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة.. تحركات باريس هذه أثارت حفيظة روما التي انتقدت غيابها عن المشهد ووصفت تحركات غريمتها فرنسا بأنها محاولة للسيطرة على ملف ليبيا.

ومع سعي ماكرون لدفع الأطراف الليبية إلى اجتماع باريس الذي حضرته الأطراف الأربعة الفاعلة وهم فائز السراج وخالد المشري والمشر خليفة حفتر إلى جانب عقيلة صالح، إضافة إلى دول الجوار وأخرى مؤثرة في المشهد الليبي الداخلي. وصفت روما على لسان مصدر في خارجيتها هذه المساعي بالاستعراضية التي لن تحرز أي تقدم ملموس في العملية السياسية. وإن مخرجات مؤتمر باريس ليست سوى محاولة فرنسية للالتفاف على دور إيطاليا في ليبيا.

وجاء مؤتمر باليرمو عقب مؤتمر باريس الذي رأى محللون أنه ليس سوى صورة لحرب النفوذ بين البلدين الأوروبيين فهو لم يركز على تحسين العلاقات بين الأطراف الليبية المتصارعة بل سعى إلى الرد على المبادرة الفرنسية. من خلال حشد القوى الإقليمية والدولية لحضور المؤتمر والبحث عن دعم الاتحاد الأوروبي لإيطاليا في تحركاتها تجاه ليبيا، جاء الدعم من الممثلة العليا للسياسة الأوروبية الخارجية فيديركا موغريني التي حضرت باسم الاتحاد في  مؤتمر باليرمو، بالإضافة إلى إعلان المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل دعمها المبادرات الإيطالية أكثر من الفرنسية  بشأن ليبيا.

ومهما يكن من أمر فإن التدخلات الخارجية في الشأن الليبي بدءا من الصخيرات وباريس وباليرمو لم تؤت أكلها حتى الآن ولم تستطع إيقاف الأزمة الليبية المستمرة لسنوات. فما الذي يخرج البلاد من عنق الزجاجة بعد فشل الخيارات الأممية حتى الآن بفرض تسوية على المشهد الضبابي.. يتساءل ليبيون؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى