مراجعة Mortal Kombat 11
خاص | أحمد سامي
إذا أردنا التحدث عن ألعاب القتال مجُملًا، فيجب أن يتردد اسم Mortal Kombat على الآذان فورًا. ببساطة Mortal Kombat هي سلسلة الألعاب التي غيرت مفهوم الصناعة بالكامل عن الألعاب القتالية. إذ اعتمدت على تغليف كل شيء بهالة من الواقعية، إلى جانب الحرص على استخدام آليات قتال حقيقية مقتبسة من أرض الواقع. ومزجها بالفانتازيا، لتخلق لنا قصصًا خلف قصص، لا نمل منها أبدًا.
آخر جزء صدر من اللعبة كان Mortal Kombat X عام 2015، ومرت شهور وسنين، حتى اقترب الجمهور من فقدان الأمل بصدور جزء جديد. لكن أتت استوديوهات NetherRealm العبقرية في 2019 فجأة، وقدمت لنا لعبة Mortal Kombat 11، لتسيطر على سوق ألعاب القتال من جديد.
اليوم سوف نتحدث عن اللعبة، مسلطين الضوء على العناصر الفنيّة التي جعلتها (حتى الآن) الأفضل على الساحة عمومًا، والأفضل في سلسلة ألعاب مورتال كومبات خصوصًا.
القصة هذه المرة تأخذنا في منحنى جديد تمامًا، ومع شخصيات بعضها تعاملنا معه سابقًا، والبعض الآخر لم نره على الإطلاق من قبل.
تبدأ القصة عندما يجد أبطال القصة أنفسهم في عالم غير عالمهم، ويكتشفون أنه تم نقلهم إلى المستقبل بطريقةٍ ما، ولسبب مجهول. وأبرز شخصية تلاحظ الأمر وتُدرك تبعات التلاعب بالزمن، هي شخصية رايدن – Raiden. تلك الشخصية المحبوبة، الصارمة، والدقيقة في كل شيء وأي شيء.
يتضح مع الوقت أن التي قامت بنقلهم من الماضي إلى المستقبل هي كرونيكا – Kronika، المسؤولة عن حفظ انسيابية الزمن في الأساس. السؤال البديهي هنا: لماذا قررت كرونيكا أن تخلط خيوط الأزمان ببعضها البعض، وأن تجعل الشخصيات تحارب نسخها المستقبلية بدون رحمة؟ الأمر بالتأكيد ليس للتسلية، الأمر له أبعاد أخرى كثيرة، والتي نتعرف عليها خلال القصة بالتدريج.
لذلك قصة Mortal Kombat 11 تتمحور حول محاربة الأبطال، لشخصياتهم المستقبلية بهدف الانسياق خلف الخطة التي وضعتها كرونيكا لتحقيق هدفٍ ما. وبالتأكيد، كعادة استوديو NetherRealm، يستحيل أن تسير الخطة كما وضعها الشرير، أليس كذلك؟
أيضًا لم تقتصر القصة فقط على الانتقال من مكان إلى مكان في نفس الخط الزمني، بل تناولت الانتقال من بقعة إلى بقعة في خطوط زمنية مختلفة. لذلك ستجد الكثير من الـ Flash Backs، والرؤى البصرية المتضاربة. وهذا بالطبع ساعد على جعل الزمن كله أشبه برمال متحركة، بمجرد أن وطأت قدمك سطحها، ستبدأ بسحبك إلى المجهول مع الوقت.
كما أن الشخصيات تناسبت تمامًا مع مدى عمق القصة هذه المرة، حيث أن لكل شخصية دوافع شرعت في التغيُّر مع الوقت، فبالتالي باتت هناك ردود فعل غير متوقعة بالمرة، وربما هذا لن يجعل كرونيكا سعيدة في النهاية.
ويذكر أنه على الرغم من وجود شخصيات كثيرة بالقصة، ولكل شخصية حكاية متداخلة مع شخصيات أخرى في أبعاد أخرى، إلا أن التناول الإخراجي كان ممتازًا. لن تشعر أبدًا بأي انفصال، ولن تسأل نفسك مثلًا: “لماذا انتقلت الكاميرا هنا فجأة؟ هذا غير منطقي!”.
أسلوب اللعب في Mortal Kombat 11 هو نفس أسلوب اللعب في الأجزاء السابقة من اللعبة، حيث أن العِماد الأساسي للعبة هو أسلوب الكرّ والفرّ في حلبة قتال محدودة، وبأسلوب الـ 2D الشهير. لكن الفارق هنا هو أنه تم التركيز بشدة على التقنيات الخاصة، والتي تتميز بكونها مصنوعة باحترافية غرافيكية عالية. مما يجعل كل الضربات الخاصة، بداية من الـ Brutality وانتهاءً بالـ Fatality، غاية في الدموية والعنف.
بالنسبة للضربات وتكنيكها، الأمر لم يتغير كثيرًا مقارنة بالجزء العاشر مثلًا. لكن مهلًا، هذا الجزء اعتمد أكثر على الضربات الفردية والثنائيات – Combos القريبة، ولم يركز بقوة على الثنائيات البعيدة. لذلك ستجد المسافة بينك وبين الخصم، تتقلص مع الوقت، وتصير المعركة أكثر ملحمية، حيث تم حبسك في أحد طرفيّ ساحة القتال، سيكون خروجك صعبًا بعض الشيء.
كما أن قلة اهتمام الاستوديو بالثنائيات الطويلة، اقترن بها إلغاء نظام الركض بالكامل، وتمت الاستعاضة عنه بنظام المدّ السريع – Dashing. كان من المفترض الحفاظ على نظام الركض، نظرًا لتحويل الاستوديو لهذا الجزء إلى أسلوب القتال القريب والمباشر، لذلك الأمر غير منطقي بعض الشيء.
راعت اللعبة كل مستويات اللاعبين، وقدمت مستويات لعب تتراوح من السهل جدًا، إلى الصعب جدًا. ومع قفزك من مستوى لآخر في كل مرة، تزداد عدائية الخصوم، ومعها تزداد مهاراتك القتالية. ذلك التدرج يخدم بدوره نمط اللعب المباشر – Online. حيث عندما تزاد مهاراتك في طَور القصة الأساسية، سيكون اللعب التنافسي مع الآخرين سهلًا للغاية، وأكثر إمتاعًا وروعة.
لدينا العديد من الأطوار بجانب طَور القصة، وهي كالآتي:
طَور Klassic Tower
في هذا الطَور أنت تلعب بشخصيات منفصلة، حتى تصل إلى نهاية خاصة لكل شخصية بشكل منفرد. سيعجبك إذا كنت تريد التعمق في عالم اللعبة وفهم الشخصيات أكثر.
طَور Towers of Time
هنا أنت تتلاحم مع شخصيات أخرى في صورة تحديات مختلفة. مثل أن تبدأ الجولة مع مستوى دماء منخفض للغاية وتحاول الفوز باستماتة، أو أن تتعامل مع قدرات خاصة لخصمك لا تستطيع صدها أبدًا. وذلك يتمثل في وجود شخصيات تستعمل الصواريخ مثلًا، ولذلك يمكن تشبيه هذا الطَور بلعبة Injustice 2 الشهيرة. والتي اعتمدت على أسلوب القتال المباشر مثل Mortal Kombat 11 بالضبط، لكن بالطبع مورتال تتفوق عليها بمراحل من حيث أسلوب اللعب والجرافيك وخلافه.
طَور Krypt
تتمثل فائدة هذا الطَور في مبادلة أموال اللعبة، بالعديد من الأشياء التي تجعل تجربة اللعب مفصلة أكثر على مقاسك. هناك تستطيع شراء الملابس والحركات، أو حتى الحصول على جوائز عشوائية من اللعبة.
طَور الـ Multiplayer
بالطبع الطَور واضح من اسمه، فيه تستطيع اللعب مع الآخرين. يتميز بتنوُّع خيارات اللعب التي يمكن من خلالها الحصول على تجربة لعب أفضل وأجمل. تعيبه فقط التكرارية، وربما قد تمل منه بسهولة.
طَور الـ Training
وهو طَور مفيد جدًا في الواقع، حيث يمكنك التدريب هناك طيلة اليوم حتى تتمكن من كل الحركات والضربات التي تضمن لك الفوز. وسواء كنت مبتدئًا، متوسطًا، أو حتى محترفًا، ستجد في هذا الطَور فائدة كُبرى لك.
هذا أفضل جزء باللعبة فعلًا، الرسوميّات هنا أقل كلمة يمكن أن تقال في حقها هي: عبقرية!
مقارنة بالأجزاء السابقة للعبة، جزء Mortal Kombat 11 يأخذ الجرافيك إلى مستوى آخر تمامًا. عملت استوديوهات NetherRealm على تقديم تحفة فنية هنا فعلًا. وهذا بالطبع بجانب دعم الجرافيك للقصة الأصلية.
المشاهد السينمائية التي قام بصنعها المخرج Ed Boon كانت لتصبح سيئة للغاية لولا الجرافيك الذي ساعد على تقويتها أكثر، وتحويل اللعبة من مجرد ساحة قتال، إلى ملحمة شعورية من الطراز الرفيع. وفي النهاية الفضل كله يرجع للمُنتج Graeme Bayless الذي عمل على وضع ميزانية مهولة ضمنت فعلًا خروج اللعبة بهذا الشكل المُشرِّف.
عبقرية الصوتيّات هنا تنقسم لشقيّن: الشق الأول هو احترافية التلحين، والشق الثاني هو توافقية الناتج.
الشق الأول ببساطة ينطوي على القدرة التلحينية الفذّة التي يتمتع بها Wilbert Roget, II. قدم لنا خلاصة خبرته المهنية في مجال التلحين الموسيقي في هذه اللعبة.
وإذا استمتعت للموسيقى جيدًا بشكلٍ منفصل على يوتيوب مثلًا، ستُدرك تشابه نوتاتها، مع تلك النوتات التي صنعت مقطوعات لعبة Call of Duty: WWII، التي صدرت في 2017. أجل، إنه نفس المُلحِّن، نفس العبقري، ونفس الحالة الشعورية الحماسية التي تغمر أي شخص على الفور عندما يسمتع إلى أي مقطوعة من تأليفه.
بينما الشق الثاني يتحدث عن مجهود فريق البرمجة الصوتية في تقديم تلك المقطوعات، بطريقة تتوافق مع كل جهاز تخرج من خلاله. في بداية اللعبة سوف يسألك المبرمجون: “ما هيئة السماعات التي لديك الآن؟”. وبناء عليه تختار إذا كنت تستمتع من خلال سماعة عادية، قوية، أو لديك نظام سيتريو منزلي كامل. وتبعًا لكل خيار من السابقين، سوف تقوم اللعبة بعمل Equalizer خاص يضمن خروج المقطوعات بأفضل هيئة صوتية ممكنة لها.
الخلاصة : لعبة Mortal Kombat 11 هي الأفضل في السلسلة حتى الآن. قصتها ممتازة، شخصياتها مبنية بطريقة تجعل ردود الأفعال متوافقة مع الدوافع، الجرافيك قوي للغاية والأجواء السينمائية خاصته ساعدت على تقوية الحالة الشعورية للقصة، وأخيرًا المقطوعات الموسيقية تلاءمت مع الأجواء وقدمت تجربة لعب لا تُنسى. هناك بعض السقطات باللعبة هنا وهناك بالطبع، لكن تجربة اللعب الممتازة تطغى عليها تمامًا .
التقييم النهائي : 9/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]