مراجعة Fall Guys
خاص | أحمد سامي
دائمًا وأبدًا الغاية الرئيسية من الألعاب هي قضاء وقت ممتع. سواء لعبت وحدك، أو مع آخرين، اللعبة يجب أن تُمتعك، وإلا ستموت سريعًا. لكن استطاعت Fall Guys أن تقدم مزيجًا بين اللعبة الممتعة، والمتعبة للأعصاب في نفس الوقت. استطاع فريق التطوير صنع لعبة ذات أجواء كارتونية وتفاعلية وحماسية للغاية، لكن في نفس الوقت كل تلك العناصر عندما تجتمع بشكلٍ فعليّ أثناء اللعب؛ تصير دافعة لتحطيم جهاز التحكم فورًا!
ما هي Fall Guys فعلًا؟ ولماذا صارت واحدة من أسرع الألعاب انتشارًا في وقتٍ قصيرٍ للغاية؟ هذا ما سنسلط عليه الضوء اليوم بالتفصيل الممل.
هل هناك قصة؟
للوهلة الأولى تكاد تعتقد أن اللعبة منتمية إلى عالم Apple Arcade، نظرًا لأسلوب اللعب الكارتوني الذي تتحلى به. لكن مع الوقت، تُدرك أنها أعقد بمراحل من أن تُدرج للهواتف أو الأجهزة اللوحية. وقبل أن ترفع آمالك عاليًا وتعتقد أن هناك قصة خلف تلك اللعبة؛ حسنًا، لا توجد قصة. هي لعبة Battle Royale على كل حال. لكن مهلًا، هناك المزيد.
لعبة Fall Guys ليست مجرد لعبة باتل رويال عادية، وليست أيضًا لعبة قد تمتد المباراة فيها لـ 45 دقيقة كما في بعض الألعاب الأخرى؛ خصوصًا الشوتر منها. بمجرد فتحك للعبة تجد نفسك تلعب بكيان كارتوني قصير ومكتنز، بينما تفاصيل وجهه وجسده طريفة جدًا، ولا تستشعر منه أي شيء سوى أنك ستقضي وقتًا ممتعًا معه بدون شك. لكن سرعان ما تبدأ اللعبة، وتجدها تختار لك مضمارًا عشوائيًّا، ثم تُعطيك تعليمات اللعب، وتتركك للمجهول.
فالفكرة ببساطة تعتمد على وجود أكثر من مضمار لعب، وكل واحد يجب أن تصل فيه إلى خط النهاية، متخطيًا العقبات التي يضعها أمامك المطورون على الدوام. وكل هذا وأنت تركض بشخصيتك المكتنزة، محاولًا التملص من المتكالبين عليك، متجاوزًا الصعاب، وآملًا في الوصول إلى خط النهاية. وبالفعل أخيرًا تصل إليه، وفجأة تجد اللعبة تنقلك إلى مضمار آخر.
آه، هنا اللعبة تكشر عن أنيابها أخيرًا!
ما الفائدة من وجود مضمار واحد في مباراة واحدة؟ لماذا لا نجعلها مباراة كبيرة عبارة عن مراحل تصاعدية، يقل فيها عدد المشاركين بالتدريج؛ وصولًا إلى مرحلة نهائية وفوز عظيم؟ بالتأكيد كانت تلك آلية تفكير فريق التطوير، ويبدو أنها ناجحة فعلًا.
بأسلوب التصفية التدريجي هذا، استطاعت اللعبة الحصول على رواج مهول خلال أول أسبوع من طرحها، وذلك بالرغم من صدورها لمنصّة بلايستيشن مجانًا بالنسبة لأصحاب الـ PS Plus. حيث في العادة ما تكون تلك الألعاب غير مثيرة للاهتمام، لكن فجأة باتت قاعدتها الشعبية مهولة للغاية. ونفس الأمر حدث مع الباقي المنصّات، حتى أنك إذا دخلت على جمهور اللعبة على منصة Steam الشهيرة، ستجد خانة النقاش تمتلئ بالأسئلة الجديدة مع كل تحديث للصفحة.
وبالرغم من عدم وجود قصة للعبة، إلا أن الأجواء الخاصة بها قد تسمح مستقبلًا بإدخال طور قصة بداخل طَور الباتل رويال نفسه. حيث إن الفريق دائمًا يهتم بمقترحات الجمهور الخاصة بمضامير اللعب، بل ويعمل على تطبيق بعضها أيضًا.
لذلك ربما نجد مقترحًا ينطوي على إدراج طور قصة ينسج أحداثها اللاعبون أنفسهم بينما هم في منتصف الباتل رويال. ولإيضاح الأمر أكثر، في لعبة Call of Duty: Modern Warfare 2019، هناك مهام جانبية تستطيع القيام بها داخل طَور الباتل رويال الأساسي، وتلك المهام هي بمثابة قصة جانبية فعلًا، حيث تعتمد على التصاعد والتركيب التي تتميز بها الأعمال القصصية عمومًا.
نظرًا لبساطة اللعبة، فأسلوب اللعب بسيط للغاية. الأمر كله يبدأ في التحرك المصحوب بالقفز المستمر في جميع الاتجاهات، بغرض التغلب على الآخرين، ثم الوصول إلى خط النهاية قبل أن يصل العداد إلى الحد الأعلى لقبول المتأهلين للمرحلة التالية من الجولة. حيث إن من استطاع الوصول إلى خط النهاية وكان ضمن العدد المسموح؛ سيتأهل. بينما الذي لم يلحق، سوف يُستبعد تمامًا. وفي الواقع، المضامير صعبة للغاية، ومليئة بالأفكار والمنعطفات التي تجعل الفوز بها يحتاج إلى اللعب لساعات طويلة جدًا؛ من أجل فهمها جيدًا.
لكن اللعبة تعلم صعوبة مضاميرها جيدًا، ولذلك حتى المستبعدين، تكافئهم بنقاط الخبرة، وأيضًا بعض العملات التي يمكن استعمالها في متجر اللعبة لشراء الـ Skins وما إلى ذلك (والتي تكون متنوعة جدًا، وستدهشكم).
وهنا يمكن القول أن اللعبة تبدو من الخارج سهلة وبسيطة وكارتونية، لكنها من الداخل عبارة عن ملحمة، فعلًا البقاء فيها للأجدر (وفي بعض الأحيان للأذكى كذلك). أي أن اللعبة ممتعة وذات أسلوب لعب فريد يعتمد على مساعدة بعضنا البعض تارة، ومحاولة استبعاد بعضنا البعض تارة أخرى، لكن تلك التوليفة تجعل من تجربة اللعب ضاغطة للأعصاب بشدة. وهذا يظهر عندما يبدأ عداد المتأهلين بالوصول لنهايته، بينما أنت ما زلت في منتصف المضمار.
وقتها سيصيبك اليأس، وتشعر أن المحاولة لا فائدة منها. فبالتالي تخرج من اللعبة قبل أن تطردك هي، وبهذا لن يكون هناك دافع للاستمرار وبدء جولة جديدة، لأنك تعلم أنك ستخسرها أيضًا. هنا أنا لا أتحدث بمنظور شخصي، بل بمنظور عام، حيث إن أغلب النقاشات على الإنترنت سلطت الضوء على صعوبة مراحل اللعبة. وهنا يكون من الأفضل تخفيف مستوى الصعوبة، أو عمل تسريع لمعدل جري الشخصيات داخل اللعبة. المهم أن تحدث موازنة بشكلٍ ما، لأن معدلات الخسارة أعلى من معدلات الفوز بالنسبة للكثيرين.
وهذا ينقلنا للنقطة الأهم: هذه اللعبة لا يجب أن تُلعب بشكلٍ فرديّ.
هناك أكثر من مضمار بداخل اللعبة، ينطوي على أسلوب العمل الجماعي. لذلك إذا بدأت اللعبة وحدك، ستظل وحدك في تلك المضامير، غير قادر على التواصل مع فريقك للتنسيق بين بعضكم البعض. لكن بالطبع الحق يُقال، الموسيقى جعلت تجربة اللعب الفردي أقل وَحشة وضيقًا، نظرًا لكونها مبهجة ومرحة. لكن تظل تجربة اللعب الفردي أقل في معدل الاستمتاع، مقارنة بتجربة اللعب الجماعي.
أتتذكرون لعبة Fortnite؟ أجل، إنها اللعبة التي طردتها أبل من متجرها، ثم تبعتها جوجل، والآن ترفع قضايا رد شرف على كليهما.
تلك اللعبة اعتمدت في المقام الأول والأخير على كونها باتل رويال كارتونية النزعة، لكن معقدة المضمون. وهذا ما أدى إلى نجاحها مع الوقت بدون شك. ولذلك قرر فريق تطوير Fall Guys أن يقوم بنسج نفس المعادلة من جديد، وبالفعل نجح مثلما توقع. الجرافيك الكارتوني ساعد بشدة على ترسيخ شعور المرح لدى اللاعب، وذلك بات جليًّا مع دخوله في أقرب مباراة، وتعامله مع أسلوب اللعب المليء بالأجواء الطفولية. تلك الأجواء التي حفّزتها الموسيقى، الحركة، وأيضًا عشرات الألوان الآتية من كل حدبٍ وصوب أثناء المرور بمناطق المضامير المختلفة.
منذ قليل أشرنا إلى كون الموسيقى مرحة للغاية، ومناسبة للأجواء. لكن من الناحية الأخرى، لا نرى إلا مقطوعتين موسيقيتين فقط للأسف. واحدة في قائمة البداية، وواحدة أثناء اللعب نفسه. أجل إنها ممتازة وجيدة، لكن لا مفر من تغييرها مع الوقت، وإلا سيمل الجمهور.
الخلاصة : لعبة Fall Guys واعدة للغاية، وتوجد مساحة هائلة بها للتطوير المستمر. الفكرة حماسية وجاذبة للجمهور، وبناء عليه يستطيع فريق التطوير تقديم عشرات العشرات من التحسينات والإضافات التي ستجعلها –وببساطة- واحدة من أشهر ألعاب الباتل رويال على الساحة حصرًا.
التقييم النهائي : 6.5/10
[تم توفير هذه اللعبة بأنفسنا بعد صدورها في الأسواق]