مراجعة Dying Light 2
خاص | أحمد سامي
في عالم ألعاب الفيديو، نتعرف كل عام على المزيد والمزيد من الأعمال التي توقع لها الجمهور أن تكون استثنائية للغاية، بعضها يرتقي إلى مستوى التوقعات، والبعض الآخر للأسف؛ لا، لكن عندما نتحدث عن لعبة Dying Light 2 التي تعتبر من أوائل الأعمال الكُبرى في 2022، وهي لعبة مقدمة من استوديو Techland (القائم بالنشر كذلك)، فنحن نتحدث عن لعبة فعلًا تعتبر من الأكبر في العام، بل وربما في الجيل الجديد كله حتى هذه اللحظة.
اللعبة هي الجزء الثاني الذي بدأ العمل عليه سريعًا بعد النجاح الكبير جدًا للجزء الأول في 2015؛ حصل الأول على تقييمات إيجابية جدًا جدًا على متجر Steam لألعاب الحاسوب، وكذلك مبيعات جيدة للغاية على متاجر الألعاب الأخرى لأجهزة اللعب المنزلي (كونسول)، هذا الجزء تم الترويج له منذ فترة ليست بالبعيدة، لكن قيل أن اللعبة ستكون “طويلة” مقارنة باللعبة السابقة.
جحيمك الخاص ربما أشد رعبًا من جحيم العالم!
في عالم القصة، هناك العدّاء، وهو الشخص الذي يستطيع الدخول في قلب قطعان الموتى الأحياء، لإرسال معلومة أو سلعة معينة من مكان إلى مكان، وهذا لأن العالم قد اجتاحه الفيروس الذي يحوِّل الناس إلى زومبز في ساعات معدودة، ولا يوجد شيء يستطيع البشر الوقوف أمامه تقريبًا، إلا أن البشرية صمدت، قامت ببناء المدن، البعض نجا، البعض عاش، والبعض يجب أن يحصل على الرسائل والمؤن من وقتٍ لآخر.
أنت هو آيدين كلادويل – Aiden Caldwell، أنت “حمامة” في هذا العالم المشؤوم بالفيروس، مهمتك هي التجوال وتوصيل الرسائل والسلع؛ لكن هذه المرة الأمر مختلف، هذه المرة أنت تسعى لنبش الماضي، محاولًا استعادة أختك المسكينة.
الشخص الذي تبحث عنه هو طبيب استطاع أن يصل إلى نوع من أنواع العقاقير القادرة على تأخير نمو الفيروس بعض الشيء، بل وتقديم كمية مهولة من الطاقة للمُصاب لتعينه على الحياة بصورة شبه-خارقة بعض الشيء، هذا الطبيب كنت أنت فأر تجاربه، مع أختك، والكثير من الأطفال الصغار المصابين بالفيروس، نشب حريق في المعمل الخارج عن القانون، استطعت أنت النجاة، لكن أختك ذات مصير مجهول للأسف، وهنا تبدأ مهمتك.
وفي الواقع، لم يكن آيدين يعلم أن الشخص الذي يسعى خلفه ليس إلا رجلًا يريد حرق العالم والجلوس فوق كومة من رماده، ولم يكن يعلم آيدين إلا أنه ذاته؛ ليس إلا عود الثقاب الذي سيبدأ النيران المستعرة.
متوازن، متجدد، ومعه تلعب مرارًا وتكرارًا بدون ملل.
أسلوب اللعب مشابه جدًا للجزء الأول، مع اختلافات ملحوظة في آليات القتال والجري والقفز؛ أي بمعنى أصح آليات الباركور التي تعتمد عليها السلسلة بشكلٍ عام.
لإنجاز مهامك؛ أنت تعتمد على ضرب الخصوم، استخلاص السلع والأسلحة منهم، ثم تركهم ليتعفنون، الخصوم ليس بالضرورة أن يكونوا موتى أحياء (باختلاف رتبهم كما تعلم)، بل أيضًا يمكن أن يصيروا بشرًا، فهذا العالم الآن بات على الإنسان فيه أن يحارب نفسه، بدلًا من محاربة الزومبيز فقط. البشر تحديدًا يسقطون أسلحة جديدة، ومع الوقت تُفيدك نظرًا لأن لكل سلاح قدرة تحمل معينة، تقل مع استمرار القتال به.
إذا فقدت دمًا كثيرًا، يمكنك مزج العسل بزهرة الكاموميل في ثوانٍ والحصول على ترياق سريع يستعيد حوالي 35 % تقريبًا من صحتك، كما أن الوصفة الطبية التي تصنع بها الترياق، يمكن أن تطورها مع اكتشاف العديد من الوصفات والأوراق المجهولة والغريبة في عالم اللعبة، سواءً عبر فتح الأبواب والخزائن، أو عبر قتل الموتى الأحياء ذوي القدرات الخارقة.
قدم الباركور هذه المرة مجموعة من القفزات الجديدة والحركات التي لا يستطيع فعلها الإنسان العادي، وبذلك ربط الاستوديو ماضي البطل، بقدراته الحالية، مما يدفعك لمعرفة دوافع الطبيب، ونتائج أبحاثه غير القانونية أيضًا؛ الأبحاث التي استخدم فيها البشر كفئران تجارب ليس إلا.
الحركات من ضمنها القفز لمسافات طويلة جدًا، تفادي ضربات الخصوم مع الحرص على ضربهم في نفس الوقت، الجري على الحوائط، وأيضًا القتال بمختلف الأسلحة مع اختلاف وَقع الضربة على الخصم من جهة، وعليك من جهة أخرى.
يمكنك تحسين قدراتك في اللعبة من خلال إضافة نقاط خبرة تحصل عليها بعد إتمام المهام وقتل الموتى الأحياء (ذوي القدرات الخاصة يسرعون العملية بالمناسبة).
ما أزعجني في الجيم بلاي فقط؛ هو أن بعض الأماكن التي فيها يجب أن تسرق بعض الأشياء، عليك أن تستكشفها أولًا بحاسة معينة بجسدك تفعِّلها بزر معين بجهاز التحكم، لكن في بعض الأحيان لا تكون تلك الأشياء في متناول اليد بسبب أن الكاميرا ضيقة بعض الشيء (بالرغم من كونها واسعة في العروض التشويقية – صدقني الوضع مختلف في الحقيقة)، لكن مع الوقت ستعتاد على التحرك في كل مكان وإجهاد نفسك للحصول على المهمة التالية.
اللعبة تتضمن طورًا أونلاين بجانب القصة، علمًا أننا لم نستطع تجريبه لأننا أخذنا نسخة المراجعة من الإستوديو قبل ميعاد الصدور الرسمي. أيضًا مدة لعب القصة حوالي 20 ساعة فقط، بينما مدة لعب القصة بالمهام الجانبية قد تصل إلى 80 ساعة من المتعة الخام.
جديرٌ بالذكر أن اللعبة مترجمة للعربية، كما أن الإنجليزية المكتوب بها السيناريو الأصلي بسيطة وسهلة وربما تجد التجربة الإنجليزية أفضل لهذا السبب تحديدًا.
رائع على أقل إعدادات، تجربة جيل جديد كما يقول الكتاب!
هنا نأتي للجزء الممتع، والذي ربما يعتقد البعض أنه نعمة ونقمة في الوقت نفسه.
استطاع الجرافيك تقديم وجبة دسمة فعلًا للعيون المعتادة على القدرات الجرافيكية الممتازة لألعاب الفيديو الحديثة. إن Dying Light 2 مثال حيّ على أن ألعاب الجيل الجديد قادرة على تقديم الكثير فعلًا، بغض النظر عن إمكانيات هاردوير الأجهزة.
اللعبة؛ قدمت تجربة جرافيكية فوق الممتازة على إعدادات منخفضة، مع تقليل المزايا الجرافيكية المختلفة كافة التي من المفترض أن تجعل اللعبة “لامعة”، واللعبة فعلًا لامعة دونها!
لكن من الناحية الأخرى، تعتبر اللعبة ثقيلة بشكلٍ ما على الأجهزة الموجودة لدى أغلب البيوت العربية. في الواقع، اللعبة موجهة للجمهور الغربي أكثر منها للعربي، مما يجعل الحد الأدنى من متطلبات التشغيل موجودًا بسهولة لدى اللاعبين المستهدفين، على الحاسوب يجب عليك أن تحصل على معالج i5-8600K وبطاقة رسوميات 2070 على الأقل لتأتي بتجربة تشمل 30 إطارًا في الثانية على جودة 1080p. وبالطبع لن نحتاج إلى إشغال نفسك بهذه الأمور الفنية إذا كنت من لاعبي الكونسول.
إذا نسيت شرور البشرية، هذه المقطوعات كفيلة بتذكيرك!
المقطوعات الموسيقية للعبة؛ تُوحي أن نهاية العالم حدثت فعلًا، وهي بالفعل حدثت، لكن أنت كلاعب تحاول أن تلعب لإرجاع الأوضاع لما كانت عليه سابقًا، مما يجعل الموسيقى مُقدِمة لجرعة خام من الرجوع للواقع؛ واقع الدمار والبؤس والشؤم والخطر المتربص بك من كل جانب.
المقطوعات أيضًا استطاعت تأجيج الحالات الشعورية المختلفة أثناء اللعب، سواء كانت لحظات هدوء، حماس، تدفق أدرنالين، وغير ذلك. بالمجمل يمكن القول إن النوتات الموسيقية فعلًا ممتازة، وتعتبر من الفروع الفنية في اللعبة التي ليست فيها شوائب على الإطلاق؛ إنها مذهلة حقًا!
الخلاصة: قدمت لعبة Dying Light 2 تجربة قصصة “وعربية” ممتازة. أسلوب اللعب سريع وخفيف ومليء بالحركة، لكن زوايا الكاميرا الضيقة تجعل التجربة محتاجة إلى وقت للاعتياد عليها، بينما الجرافيك ممتاز ورائع على أقل إعدادات، لكنه مستهلك للهاردوير، وأخيرًا الصوتيات تستحق فعلًا أن تحصل على جائزة في حفل Games Awards للعام القادم. اللعبة تستحق اللعب، 20 ساعة للقصة، 80 ساعة للقصة بالمهام الجانبية.
التقييم النهائي : 9/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر قبل صدورها في الأسواق]