مراجعة Captain Tsubasa: Rise of New Champions
خاص | أحمد سامي
في عالم الأنمي، هناك عشرات العشرات من الأعمال التي يمكن تلقيبها بـ (الأيقونية). لكن إذا نظرنا جيدًا إلى كلاسيكيات الصناعة، سنجد أن أنمي Captain Tsubasa هو الأبرز في تاريخها بالنسبة لتصنيف أنميات كرة القدم، وهو الذي ساهم في تنشئة أجيال خلف أجيال على حب الأنمي بشكلٍ عام. وذلك عبر صدور نسخة مبدلجة منه للعربية تحت عنوان (كابتن ماجد). وبالطبع نظرًا للشهرة المهولة التي حصل عليها الأنمي، تم إنتاج ألعاب فيديو كثيرة بناء عليه.
في الأعوام الأخيرة كانت اللعبة الأشهر هي Captain Tsubasa: Dream Team، والتي صدرت في 2017 ونالت رضا الجمهور على مستوى العالم. والآن بعد ثلاث سنوات، قررت شركة Bandai Namco للنشر والتوزيع –بالتعاون مع استوديوهات Tamsoft للتطوير- العمل على إنتاج لعبة جديدة تحمل اسم Captain Tsubasa: Rise of New Champions.
هل اختلفت اللعبة الجديدة عن القديمة؟ وهل أضافت أي شيء جديد لتجربة مشاهدة الأنمي الكروي الذي نحبه جميعًا؟
عندما يتم تقديم لعبة أنمي، في العادة ما تكون مبنية على قصة الأنمي الأصلية. سواء كانت امتدادًا، أو إعادة إنتاج لها. وفي الحالتين، تكون الأجواء كلها تكرارية، وتصبح نسبة الإبداعية فيها محدودة. وإذا كانت القصة أصلية، نادرًا ما نجدها فعلًا تعمل على إشراك اللاعب في أحداثها بطريقة تفاعلية. وإذا نجحت في إشراكه، من الصعب أن تكون مبنية بآلية تجعل ردود الأفعال متناسبة مع الدوافع. لكن بالنسبة للعبة Captain Tsubasa: Rise of New Champions، فالوضع مختلف تمامًا.
اللعبة هنا ذات قصة أصلية، ومختلفة تمامًا عن الأنمي. الفكرة كلها تقبع في كون البطل تسوباسا، يحاول الارتقاء بفريقه وحصد البطولات بمختلف أشكالها وألوانها. وذلك عبر التنافس مع فرق كروية أخرى من نفس الشريحة العمرية، لحصد ألقاب تسمح للفائز بصنع مسيرة كروية لا مثيل لها.
والمميز في القصة، ليس أحداثها، بل طريقة تقديمها. السرد هنا اعتمد على وضع الشخصيات التي عرفناها سابقًا بالفعل؛ في مقدمة المشاهد. ثم العمل على بناء كل شيء بالتدريج حول تلك الشخصيات.
فنحن بالفعل نعرف كابتن تسوباسا، وعشنا معه أيامًا لا تُنسى في الأنمي. الآن في اللعبة سنعيش معه أحداثًا جديدة، محتفظين بنفس أجواء الأنمي الكلاسيكي. الاهتمام الشديد بجعل الشخصيات هي محور الأحداث، كان هو عنصر الجذب الأكبر للاعب. لكن السؤال هنا، ماذا إذا لم يشاهد اللاعب الأنمي في حياته، وأصبحت هذه المرة الأولى التي يتفاعل فيها مع تلك الشخصيات؟
وقتها يمكن الاعتقاد أن اللعبة ستفشل. لكن المُفاجئ، أن اللعبة لم تفشل.
أنا شخصيًّا لم أكن من مُحبي كابتن ماجد في طفولتي، ومع ذلك حمستني اللعبة بطريقة مهولة. والسر يقبع خلف المشاهد السينمائية. حيث أنه بين كل مباراة، توجد كوكبة من المشاهد السينمائية المتعاقبة بأسلوب إخراجي ممتاز، ومقطوعات موسيقية مُأججة للحماس والفرحة. قصة هذه اللعبة لا تجعلك مجرد لاعب، أنت هنا مُشجع للشخصيات التي تلعب بها بنفسك؛ أنت هنا مشجع لنفسك!
القصة مجملًا مكونة من شقيّن بالنسبة للعب الفردي. الشق الأول هو طَور القصة الأساسية، وفيه تلعب بالكابتن تسوباسا، وتحاول قهر الأعداء والخصوم. والشقّ الثاني هو طَور New Hero، وفيه أنت تقوم بتخصيص شخصية وتلعب بها.
وهذه الطَور سنتطرق لك في أسلوب اللعب بعد قليل. فمجملًا يمكن القول أن اللعب الفردي هو الأفضل في هذه اللعبة، حيث اهتم بأكثر من شخصية، وقدم تجربة تفاعلية جدًا؛ حتى بعيدًا عن أرض الملعب.
في الواقع، أسلوب اللعب هنا واحد لكن يقدم واحدة من أسوأ التجارب الكروية التي يمكن أن تعاصرها في حياتك. اعتمدت اللعبة على إغراق نفسها في المشاهد السينمائية لهذا الغرض، المطورون لم يريدوا تقديم لعبة كروية، فقط أرادوا تقديم قصة حماسية ومناسبة لكل عشّاق الأنمي الكلاسيكي. وذلك أسفر عن أسلوب لعب غير متناسق، بالرغم من وجود آليات تخصيصية تدل على أنها فعلًا؛ لعبة كروية بامتياز.
ولكشف الغموض ومنع اللبس، اللعبة تقدم لكن مساحة كبيرة جدًا من التخصيصات. فمثلًا يمكنك تخصيص شخصية كاملة من الصفر لنفسك، وتأخذها نحو الأعالي عن طريق اللعب المستمر والارتقاء في المستوى، وهذا ما يوفره طَور New Hero كما أردفنا منذ قليل. والمساحة التخصيصية التي تقدمها اللعبة، تجعلها مشابهة جدًا لألعاب كروية شهيرة في هذا التصنيف الفني لألعاب الفيديو.
لكن بينما التخصيص كبير وعملاق، المباريات نفسها هزيلة للغاية. اعتمدت المباريات على دعم نفسها بالركلات الخاصة والحركات الفريدة. حيث إذا قمت بالمراوغة لأكثر من مرة –وخصوصًا إذا راوغت لاعبًا قويًا- سوف يظهر مشهد مرسوم خصيصًا لتلك المراوغة. وقِس على ذلك كل الحركات الخاصة في اللعبة، هذا بالطبع جعلها تجربة حماسية للغاية. فماذا يحدث عندما تجعل لعبتك مستندة على الحركات؟
أجل، بالضبط، تكون المبارات نفسها سيئة للغاية.
حركة اللاعبين لم تكن سلسة على الإطلاق، كما أنهم لا يحملون أسمائهم فوق رؤوسهم. في العادة هذا ليس أمرًا هامًا، لكن في هذه اللعبة؛ الأمر مهم جدًا. حيث إن هناك بعض المباريات التي يجب فيها أن يحرز تسوباسا الهدف، فبينما أنت في أول الملعب بشخصية أخرى، لا تعلم أين تسوباسا كي تمرر له الكرة. وحتى إذا تركته في نهاية الملعب ثم عدت للبداية على أمل أن تمررها له مجددًا وأنت تعلم أنه قريب من الشبكة بالفعل، ستجده قد أصبح في منتصف الملعب مثلًا. الأمر محير للغاية، ويسبب ربكة كبيرة أثناء اللعب.
كما أنه عندما تؤخد منك الكرة فجأة، وتشرع في الركض خلف الذي أخذها، يعمل الذكاء الاصطناعي على إحاطة اللاعب بلاعبي فريقك، لكن لا يحرك مؤشر الاختيار بينهم تلقائيًّا. فإذا أردت اللحاق به فعلًا، عليك أن تنتظر اللعبة –بعد وقت طويل- لتنقل المؤشر لأقرب شخصية له، فبالتالي تستطيع سرقة الكرة من جديد لفريقك. ألعاب الكرة الأخرى يكون فيها الانتقال بين اللاعبين سريعًا للغاية، لضمان تجربة لعب ديناميكية.
بجانب أنه عند الحركة بين لاعبي فريق الخصم، تجد بعضهم يتحدث في مستطيل حواري صغير، وهذه الجمل موجهة لك (لكابتن تسوباسا). لكن لا تستطيع قرائتها نظرًا لسرعة اللعبة في الأساس، خصوصًا أنها تظهر عند الاقتراب من شبكة الخصم. فلما التشتيت من الأساس؟ ألم يكن وضعها في المشاهد السينمائية أفضل؟
أيضًا اللعبة تحتوي على طَور للعب الأونلاين، وأبرز ما فيه هو طَور (4 ضد 4). لكن التركيز كله كان على طَور القصة؛ بشقيّه.
أسلوب رسم الشخصيات في الملعب متوسط للغاية. لكن من الناحية الأخرى، أسلوب الرسم في المشاهد السينمائية والفواصل البصرية بين المباريات؛ ممتاز جدًا. كما أن الإشادة برسومات الركلات الخاصة، شيء واجب. هناك تنوع مهول في الركلات والحركات الخاصة أثناء اللعب، وكل واحدة منها لها رسمة خاصة بها وحدها.
ذلك التنوع جعل تجربة اللعب أفضل، وربما هذا الشيء الوحيد الذي يجعل اللاعب متحمسًا أثناء اللعب. أجل، ظهور تلك الرسومات يكون مصحوبًا بتشجيع الجمهور، وظهور مؤثرات صوتية حماسية.
اللعبة مليئة بالصوتيات، وعلى عكس ألعاب أنمي أخرى –وألعاب كروية أخرى- فالأصوات مناسبة فعلًا للأحداث. فمثلًا هناك مقطوعات موسيقية تُعزف في بدايات المباريات، وفي منتصفها، وأيضًا عند الوصول للنهاية. بالإضافة إلى الأصوات الحماسية الصادرة من الجمهور تارة، ومن اللاعبين أنفسهم تارة أخرى. الصوتيات الممتازة كانت إحدى المقومات كَون هذه اللعبة لعبة أنمي بامتياز.
والجدير بالذكر أن اللعبة تدعم اللغة العربية، وكانت لفتة رائعة من المطورين. المصطلحات كانت مناسبة للنصّ الأصلي، وللحالة الشعورية أثناء اللعب. وبذلك استطاعت اللعبة وضع علمها في أراضٍ جديدة، واقتناص شرائح جديدة من اللاعبين.
الخلاصة : لعبة Captain Tsubasa: Rise of New Champions تجربة أنمياتية مبهرة، ومُعيدة لأيام النوستالجيا مع كابتن ماجد بالنسبة للكثيرين. احتوت على مشاهد سينمائية حماسية، مقاطع موسيقية مناسبة للأجواء، وأطوار متعددة لمناسبة ذائقة جميع اللاعبين. لكن لم تقدم تجربة كروية جيدة، وهناك الكثير من المنافسين يسحقونها بالسوق في هذا الصدد. لذلك عندما تشتريها، إذا حكمت عليها بمعيار الحماس؛ ستسعد. وإذا حكمت بمعيار الكرة؛ ستحزن.
التقييم النهائي : 7/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر وقت صدورها في الأسواق]