مراجعة Call of Duty: Vanguard
خاص | أحمد سامي
هناك العديد من السلاسل الأيقونية في الصناعة، منها المنتمي إلى عالم الفانتازيا، ومنها إلى عالم الرعب، وبالتأكيد منها إلى عالم المغامرات. لكن الذي تتفق فيه جميع تلك العوالم هو أن للأكشن نصيب في الكعكة على الدوام، والحروب هي الصانعة الأولى والأخيرة للأكشن.
ولهذا السبب تحديدًا؛ اكتسبت سلسلة Call of Duty شهرتها العالمية التي خوَّلتها من تقديم اللعبة خلف اللعبة، بقصة مختلفة في كل مرة، لكن مع الوقوع في زلّات تكرارية بين الحين والآخر، خصوصًا في الأجزاء الأخيرة.
لكن الذي لا يُشقّ له غبار هو الاهتمام الشديد بتقديم كل جزء جديد على أعلى قدر من الاحترافية والرصانة، ولعبة Call of Duty: Vanguard، أحدث أجزاء السلسلة حتى الآن، ليست بعيدة عن المعادلة.
اللعبة؛ من تطوير شركة Blizzard المعروفة والمسؤولة عن السلسلة منذ زمنٍ طويل ونشر Activision، تم إصدارها بطور مالتي بلاير جديد، وقصة مثيرة للانتباه فعلًا، مع بعض الفنيّات هنا وهناك.
ولهذا، هل استطاعت السلسلة تقديم عملٍ متميز عن الأعمال السابقة؟ أم وقعت في فخّ التكرار والاستمرار في تقديم نفس الشيء للجمهور لكن مع أزياء مختلفة وخرائط جديد؟
تقدم السلسلة هذه المرة قصة صلبة فعلًا تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية بعام 1945، وفيها شخصيات محبوكة بقدرٍ من الاحترافية والإنسانية، شخصيات تستطيع أن تتفاعل معها وتشعر بألفتها مع الحياة الواقعية بقوة، وهذا بالرغم من صلابة الصلب وخشونة الطباع بحكم الحياة العسكرية لجميع تلك الشخصيات (وكلها في نفس الفريق بالمناسبة).
تتحدث القصة بالمجمل عن فرقة أمريكية من القوات الخاصة (التي إذا اختفت في إحدى المهمات، لن يشتكي أحد)، مهمة تلك الفرقة هي محاولة إيقاف الرايخ الثالث الألماني (النازيين) من تنفيذ مخططٍ ما من المتوقع له أن يقلب أحداث الحرب العالمية الثانية رأسًا على عقب، ويضمن الفوز للألمان.
لا أحد يعلم طبيعة ذلك المخطط على وجه التحديد، هل هو أوراق؟ سلاح نووي؟ يورانيوم مخصب؟ أسلحة دمار شامل جديدة؟
أنت لا تعلم، ولا أبطال القصة كذلك. لكن ليس لديكم خيار سوى القفز من عربة إلى عربة لبدء اختراق الصفوف الألمانية والحصول على هذا الشيء المجهول. تدور أحداث القصة في تسعة مهام بالتمام والكمال، لكن الشيء المحبط هو أنها قصيرة للغاية، فعلى عكس قصة الجزء السابق Cold War التي كانت حوالي ثلاث ساعات في الطول إذا لعبت على المستويين المتوسط أو الصعب؛ هذه القصة لا تتعدى الساعة الواحدة فقط على مستوى الصعيد (طبيعي)، وإذا كان المستوى سهلًا ستكون مدة اللعب حوالي 30 دقيقة مثلًا.
عدد المهام كبير وفيه تنوع، لكنه لا يخدم عالم القصة نظرًا لقصر مدة المهمة الواحدة في الأحداث.
بالنسبة للقصة، لم يقدم عالم اللعبة الكثير من حيث أسلوب اللعب، واعتمدت اللعبة على التلاحم المباشر مع الأعداء من جهة، أو محاولة إتمام المهمات بطرق ملتوية من جهة أخرى، وفي الحالتين يتم استعمال البنادق بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى إمكانية الاستيلاء على الأسلحة الأرضية الموضوعة في أرض المعركة، مما يُعطي شعورًا بالقوة لدى اللاعب، ويمكنه من زمام أمور حلبة القتال الدامية تلك.
أما بالنسبة للمالتي بلاير؛ فإن الرأي قد ينقسم بين اللاعبين بشدة، وهذا ما ستراه بالتأكيد في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى وجه التحديد موقع Reddit.
قام فريق التطوير بإدراج نفس التوليفة التي تحقق الأرباح كل عام: شخصيات عملاء في المالتي بلاير مأخوذين من عالم القصة القصيرة المدرجة مع اللعبة، بالإضافة إلى بعض الأزياء للشخصيات والأسلحة، وأخيرًا كوكبة عملاقة من الخرائط التي تدفع اللاعب لحرق المباراة خلف الأخرى دون كلل أو ملل على أمل أن تأتي له الخريطة التي يحبها في اللعب العشوائي (ديث ماتش)، بالتأكيد يمكن اختيار الخريطة المفضلة إليك، لكن هذا يعني انتظارًا أطول للحصول على مباراة.
بالطبع فإن بقية أنماط اللعب في المالتي بلاير رائعة وممتازة، لكنها ذاتها المتكررة كل عام، ومهما كان طور الديث ماتش تكراريًا، فهو الطور الوحيد الذي يستطيع جذب اللاعب رغمًا عنه بالحماس المتجدد في كل مباراة؛ لا يوجد أكثر حداثة من التطاحن العشوائي، وهذا على عكس الأنماط الأخرى التي فيها نظامية أكثر وتحتاج من اللاعب التفكير أكثر من مجرد تفريغ الطاقة، وصناعة الألعاب في النهاية تهتم بإزاحة عناء اليوم الشاق، أليس كذلك؟
جديرٌ بالذكر أن عدد الخرائط هذه المرة (للانطلاقة على أقل تقدير) ممتاز فعلًا، خرائط تتنوع بين الغابات الاستوائية والثلوج والمباني القديمة المتهدمة سواء كانت في مشاهد داخلية أو خارجية.
حوالي 80% من الخرائط تعتمد على التلاحم المباشر في مساحات ضيقة للغاية، و20% فقط تعتمد على التلاحم بعيد المدى في خرائط واسعة نسبيًّا، وهذا على عكس خرائط الجزء الماضي التي اتسمت بالاتساع والظهور الملحوظ لقوة العمل الجماعي.
هذه المرة يبدو أن شعار الاستوديو هو العشوائية في التلاحم، وهذا في الواقع… ممتع للغاية!
الجرافيك من الأمور الممتازة في اللعبة (في شريحة القصة فقط في الواقع)، وللأسف، فإن الأمر معكوس تمامًا في المالتي بلاير.
تم الاهتمام بالشخصيات، بالعالم، بالحشائش، بطلقات النيران، بكل شيء وأي شيء في شريحة القصة؛ مما يبرر القصر الملحوظ لها من حيث مدة اللعب. ومن الناحية الأخرى، تم تقديم جرافيك متوسط (وهذا أفضل وصف له فعلًا) بكل ما تحمله الكلمة من معنى في المالتي بلاير.
وبالتأكيد؛ فإن اللعب الأونلاين في لعبة FPS شهيرة مثل Call of Duty يحتاج إلى جرافيك منخفض الجودة من أجل السماح بخروج بطاقات الرسوميات على مختلف أجهزة اللاعبين بأعلى معدل تحدث إطارات ممكن على الإطلاق، لكن هذا لا يعني أن يتم تقديم الشخصيات على مستوى الجرافيكي سيء (خصوصاً على مستوى الشريح)، أو طرح الخرائط باهتمام ملحوظ للمعمار، مع غضّ الطرف عن ثقل جوانب الخرائط نفسها من حيث الأسطح والانعكاسات.
من الأمور التي تستحق الثناء في عالم اللعبة الجديدة.. الصوتيات بالطبع.
تم صنع صوتيات هذا الجزء على قدرٍ من الاحترافية بحق، بداية من صوت وقع الأقدام، مرورًا بأصوات طلقات النيران (والتي هي أوقع بكثير من الجزء الماضي نظرًا لضيق الحيز المكاني للقتال)، وصولًا للموسيقى التي تصدح في الأرجاء عند الاقتراب من نهاية إحدى المباريات. لكن يُنصح بإغلاق الموسيقى بشكلٍ عام من قائمة إعدادات اللعبة؛ نظرًا لكونها قد لا تروق لبعض الخرائط بعينها، ومن الأفضل تشغيل موسيقى من أي نوع على أي مشغل موسيقى تفضله، وإذا كنت من هواة برنامج Discord للعب مع الأصدقاء؛ فإن بوتات البرنامج قادرة على إسعادك بلا شك.
الخلاصة: لعبة Call of Duty Vanguard من الألعاب التي صدرت في نهاية عام 2021 لتَستحوذ على الأبواق الإعلامية سريعًا، دخلت السوق العالمية بجرافيك ممتاز في القصة لكن متوسط في الأون لاين، مقطوعات موسيقية قوية جدًا لكن من الأفضل إغلاقها في المالتي بلاير والاستمتاع بأي موسيقى أخرى، قصة ذات أبعاد متماسكة لكن قصيرة للغاية، وأخيرًا أسلوب لعب جيد جدًا لكن تكراري للغاية.
إجمالاً؛ قدمت اللعبة جوانب جيدة بحق، وللأسف سقطت في فخّ التكرار، فهل ترى عملًا أقوى بالعام القادم؟
التقييم النهائي : 7/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر عند صدورها في الأسواق]