مخاوف من استنساخ “الصخيرات” في اتفاق جنيف
بعد توقيع إعلان وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا بين الأطراف الدولية في جنيف؛ طفت على السطح عدة تساؤلات حول مستقبل هذا الاتفاق ومدى قدرته على تغيير المشهد في ليبيا.
ليلة مليئة بالوفاق والوعود الأممية والتصريحات من الفرقاء الليبيين بالالتزام ببنود الاتفاق وغزل سياسي وترحيب دولي؛ أعادت للأذهان مشهد اتفاق الصخيرات المغربية عام 2015؛ الذي أفرز حكومة “الوفاق”، التي تخطت مدتها الموضوعة، وساهمت في تعميق الشرخ في المشهد السياسي الليبي.
وقبل أن يجفّ الحبر الذي وقع به الاتفاق في جنيف؛ رأى خبراء أن الوضع الليبي الهشّ والتدخلات الدولية الداعمة لأطراف الصراع غير مشجعة لرسم أحلام وردية وتعليق آمال كبرى على الاتفاق الذي جرى برعاية أممية، على غرار اتفاق عام 2015.
وتمثلت أبرز الخطوط العريضة للاتفاق في وقف إطلاق النار في البلاد وإخراج المرتزقة في غضون 90 يومًا وإعادة النازحين، والانسحاب عسكريًا من “سرت والجفرة” وكافة الجبهات، على أن تُشكّل قوة عسكرية مشتركة بين الطرفين الليبيين، تخضع لغرفة عمليات موحدة.
وجاء تشكيك تركيا في صمود الاتفاق سريعًا على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أشار إلى أن الجانب التركي لا يعلم مدى صحة التوافق بين طرفيْ النزاع على انسحاب كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد.
وعلى الجانب الآخر؛ فإن الانقسام في صفوف التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية يعكس الصعوبات التي قد تعترض تطبيقه، مما يجعله بعيدًا عن الواقع، بسبب أمراء الحرب ومن وراءهم من الدول الضالعة في الصراع الليبي، كما أن الاتفاق قد افتقر إلى آلية تضمن وتراقب تنفيذه.
اتفاق من شأنه أن يفتح آفاقًا للحلول السلمية والمصالحة، ونزع فتيل الحرب، وخطوة مهمّة على طريق خفض حدة التوتر وطرد المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد؛ لكن التساؤلات حول آليات تطبيقه والعقوبات التي سُتنفّذ على المعرقلين أو غير الملتزمين ببنود الاتفاق؛ تبقى غائبة، مما يعزّز المخاوف من تكرار سيناريو “اتفاق الصخيرات”، الذي ساهم في تعقيد المشهد.