“مباراة الرصاص”.. تفاصيل الجريمة ودوافعها
يوافق غدا الأربعاء الذكرى المشؤومة لمباراة الرصاص الشهيرة التي جرت في التاسع من يوليو 1996 بين فريقي الأهلي طرابلس والاتحاد في ملعب طرابلس الدولي “11 يونيو سابقا”، وانتهت بواحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها سلطات النظام السابق ضد مواطنين عزل.
بداية الجريمة
بدأ الديربي كالعادة وسط أجواء جماهيرية حماسية في الملعب بين لاعبي الفريقين، وسط حضور لجماهيري لا يقل عن 50 ألف شخص، سارت المباراة بشكل عادي وانتهت بفوز الأهلي طرابلس بهدف لصفر، وحدثت في نهايتها مناوشات معتادة بين لاعبي الفريق الخاسر (الاتحاد) وطاقم التحكيم، وفي المدرجات بين جماهيره ورجال الشرطة وهو أمر معتاد في مواجهات الديربي، وبدأ لاعبو الفريق الفائز يحتفلون بالفوز الذي جعلهم يتصدرون رباعي التتويج، فضلاً عن كونه فوز على المنافس التقليدي.
وسط هذا المشهد بدأت أصوات إطلاق نار تتعالى في جنبات مدرجات الملعب، في البداية وسط الهرج والمرج السائد لم ينتبه إلا القليل من الناس، ومع كثافة إطلاق الرصاص انتبه الجميع من لاعبي الفريقين وجماهيرهما، وطبعاً رجال الأمن المتواجدين على أرض الملعب، ليأخذ الجميع وضع الانبطاح للاحتماء من زخات الرصاص المتناثر والذي اتضح أن مصدره المنصة الرئيسية للملعب، وقال شهود عيان إن مسلحين ملثمين يلبسون لباس صاعقة مموه انتشروا بالمنصة قبيل انتهاء اللقاء بدقائق، ونتج عن الرصاص سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
تفاصيل الجريمة ودوافعها
وانكشفت تفاصيل الجريمة بعد 15 سنة من وقوعها، فبعد ثورة السابع عشر فبراير كشفت الملفات الأمنية بعضاً من تفاصيل المجزرة، فمن نفذ الجريمة هم عناصر من الكتيبة (223 صاعقة)، وبلغ عدد الضحايا حسب التقرير الرسمي 8 قتلى و89 جريحا، لكن شهود عيان وإحصائيات طبية في ذلك الوقت قدرت عدد القتلى بحوالي 60 شخصا وأكثر من 150 جريحا.
أما بشأن دواعي المجزرة فرجح مراقبون للوضع الليبي آنذاك، وما توفر من تحقيقات مع رموز من النظام السابق، ويرجح بأن هذا العمل كان بأوامر شخصية من معمر القذافي للتغطية على مجزرة سجن أبوسليم التي وقعت قبل أيام من جريمة ملعب طرابلس أي في 29 يونيو 1996 وأسفرت عن مقتل 1273 سجينا في أقل من ثلاث ساعات.
وروى بعض من ذوي ضحايا سجن أبوسليم، بأن الأمن الداخلي أحضر لهم عقب أيام من مجرزة ملعب طرابلس شهادات وفاة للتوقيع عليها مدون فيها أسباب الوفاة بأن المعني توفي أثناء أحداث شغب بالمدينة الرياضية، ولكن سرعان ما تم التغاضي عن الفكرة بسبب ممانعة أهالي ضحايا السجن للتوقيع بسبب سجن أبنائهم قبل سنوات من المباراة.
إسكات أهالي الضحايا
ورغم مرور 22 سنة على تلك المباراة المشؤومة التي سميت بـ(مباراة الرصاص)، إلا أن أهالي ضحايا تلك المجزرة ما زالو يطالبون بالكشف الكامل عن تفاصيل تلك الجريمة ومن كان وراءها وما هي دواعيها، ولكن الثابت أنها جريمة نكراء سجلها التاريخ إلى جانب عشرات الجرائم التي ارتكبها نظام القذافي الدموي بحق شعبه.
سيتذكر التاريخ دائما هذا اليوم المشؤوم ويروي قصة أناس مدنيين عزّل، ذهبوا ذات يوم لمشاهدة مباراة لكرة القدم ولم يعودوا لأهاليهم.
وليستمر عبث سلطات النظام السابق، تم منح مبلغ لعائلات الضحايا وقدر المبلغ 5 آلاف دينار ليبي أي ما يعادل في يومها 1500 دولار أميركي، ومنعت عائلات الضحايا من ملاحقة الموضوع قضائيا.