ما لا تعرفه عن أول طيار بسلاح الجو الليبي
دوّن الكثير من الليبيين أسماءهم في قوائم الروّاد الذين تحدوا الظروف وحققوا إنجازات على الصعيد الشخصي تبعها بصمة وفائدة للمجتمع ولليبيا بشكل عام.
من ضمن هؤلاء كان الهادي سالم مختار الحسومي، وهو أول طيار في تاريخ سلاح الجوي الليبي، والمُلقب بـ”القلب الحديدي”.
ولد الحسومي في مدينة طرابلس عام 1935، حيث ترعرع وسط المدينة القديمة مكان إقامة عائلته في زنقة سيدي سالم المشاط “باب بحر”.
واهتم الحسومي بالدراسة منذ نشأته والتحق بالمرحلة الابتدائية والإعدادية وأكملها في طرابلس، وانتقل بعدها لدراسة المرحلة الثانوية بمدرسة ساحل سليم في مصر وأنهاها بتفوق، لتختاره الحكومة الليبية بعد ذلك ضمن أول دفعة ابتعاث أرسلتها للدراسة بتخصصات مختلفة في تركيا.
وكان الحسومي بداية ضمن الطلبة الذين تم اختيارهم للانضمام للكلية العسكرية، ولكنه غيّر مساره وانخرط في الكلية الجوية التي كان مقرها بمدينة ازمير التركية، وتخرج منها في 1957، حيث تحصل على بكالوريوس علوم الطيران بتفوق وكان ترتيبه الأول على دفعته ونال شهادة طيار سنة 1958.
وأثناء وجوده في تركيا، تزوج وأصبح لديه ابنان وثلاث بنات، وعاد بعدها إلى أرض الوطن في عام 1962 ليساهم في تكوين نواة السلاح الجوي الملكي، ولم يمضِ وقت كثير حتى التحق عام 1963 بدورة في قاعدة راندولف الجوية في سان أنطونيو بولاية تكساس الأميركية، تحصّل من بعدها على شهادة طيران على طائرة “تي أف 33″، ليصبح بذلك أول مدرب طيران في ليبيا، وبدأ بتدريب الطيارين الليبيين على هذا النوع من المقاتلات.
بعد سنوات عاد الهادي من جديد إلى تركيا والتحق بدورة الأركان في الأكاديمية الجوية بإسطنبول بتركيا بين عامي 1968 و1969، وتقاعد من القوات المسلحة عام 1970.
وبعد مغادرته سلاح الجو، انخرط الحسومي في العمل بالسلك الدبلوماسي وتم تعيينه سفيرا وقائما بالأعمال في عدة سفارات بدول مختلفة، واختير بعد فترة ليكون رئيس مكتب المشتريات العسكرية في باريس .
ولخبرته الطويلة في مجال الطيران، عُيّن مفوضاً عاماً لشركة الخطوط الجوية الأفريقية المتحدة للطيران والتي تغير اسمها بعد ذلك إلى خطوط الجماهيرية للنقل الجوي 1981، وتركها بعد أشهر قليلة بسبب شبهات حامت حول نشاطاتها.
وانتقل عام 1986 للعمل مدير الإدارة الفنية لشركة الخطوط الجوية العربية الليبية، وكانت هذه آخر الوظائف التي شغلها في حياته المهنية، وتفرغ بعدها لحياته الأسرية بعد سنوات من العمل في مجال الطيران.
وأصيب الحسومي بمرض عضال بدأت أعراضه في العام 2004، حتى فارق الحياة يوم 4 سبتمبر 2010، تاركا خلفه سجلا مليئا بالعمل وخدمة الوطن.