ماذا بعد غسان سلامة
أمين مازن
لم يكد الوسيط الدولي غسان سلامة يفرغ من إدراج تغريدته المتضمنة طلبه الإعفاء من مهمته بليبيا التي دخلت منذ أيام عامها الثالث وعقب قرار من مجلس الأمن حول الحرب التي تدور رحاها منذ أشهر حول العاصمة طرابلس، حتى ذكرت الأنباء أن الأمين العام للأمم المتحدة قبل الطلب الغساني وعهد إلى المساعدة الأمريكية ستيفاني ويليامز بالمهمة، مُذيّلاً موافقته بعبارة المؤقت مما يفتح الأبواب لعديد القراءات إن يكن طلب سلامة قد جاء نتيجة إشارة من الأمين العام وإن الاستلام بالوكالة سيتطور لاحقاً إلى الأصالة.
لا شك أن ما تضمنه القرار الدولي أخيراً والذي اكتفت روسيا بالتحفظ حوله يمثل الدافع الأقوى، إذ ما دام القرار المشار إليه بما تضمنه من دعوة إلى الامتناع عن تزويد الأطراف المتصارعة بالسلاح ووصف هذا الموقف بالتدخل في شئون ليبيا ومن ثم الإنذار بالعقوبة الدولية، ليس فقط لمن يرتكب هذه المخالفات بل وكذلك عرقلة الجهود الرامية إلى وقف الأعمال العسكرية، حتى أن الاتحاد الأوروبي لم يتردد في الإعلان عن عزمه على حظر توريد السلاح والمقاتلين بالقوة، على قاعدة خضوع ليبيا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتتجاوز مهمة الممثل المقيم الصفة الاستشارية أو الناصحة إلى القوة الآمرة.
بالنظر إلى ما ترتب على عبث الأطراف المتصارعة بالسيادة الوطنية في ما لا يفيد المدنيين الذين يمثلون الأغلبية وكان الحفاظ عليهم المبرر لدعوة الناتو الذي استغل الشرعية الدولية في هدم ليبيا وتركها مباحة للفوضى ومؤامرات القوى المتصارعة الأمر الذي يُقصر عنه بدون شك السيد غسان سلامة الدبلوماسي المقتدر، ولكنه ليس الممثل الأصيل لإحدى القوى العظمى التي ظفرت بليبيا في آخر الحروب وعملت على منحها استقلالها في إطار جملة من التسويات وتؤكد اليوم أكثر من قرينة أن إعادة التسوية قد حان موعدها بدليل القرار الذي لم تقف أمامه روسيا وفيتوها لحسابات قدرتها بلا جدال مما يجعل الاستقالة السلامية وسرعة قبولها وتكليف مساعدته باستلام المهمة، ما يشي بأن القطبين الكبيرين قد وجدا من التوافق ما سيضع حداً للصراع المدمر ويفتح الطريق لإرادة دولية تُجنّب الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي وتفتح الطريق للعيش في الأرض الطيبة هانئين بما تحمل من كنوز وعقول نيرة وقادرة على العطاء مما يعني أن نقطة من الضوء قد بدأت تلوح في النفق المظلم.