مؤتمر باريس في (وقت حرج)
سالم الهمالي
يأتي مؤتمر باريس بخصوص الأزمة الليبية، المزمع انعقاده يوم ١٢ نوفمبر في توقيت حرج، بعد أن أعلنت مفوضية الانتخابات عن البدء في استلام أوراق الترشح لانتخابات الرئاسة والبرلمان، محددة موعد إجرائها بيوم ٢٤ ديسمبر، تأكيدًا لما أصدره البرلمان وتوافقت عليه مجموعة الـ 75 في جنيف.
وفيما يبدو أن الغالبية الساحقة من الشعب الليبي تدعم إجراء العملية الانتخابية، هناك أقلية “معتبرة” لا زالت تحاول بشتى الطرق والوسائل والحيل “منع” إجراؤها، مستخدمة التهديد والوعيد بلغة واضحة لا تحتاج تفسيراً ولا تقبل التأويل.
ليبيا أصبحت، اليوم، ساحة صراع، ليس بين الليبيين فقط، بل على أرضها تتواجد مشاريع اقليمية وأممية وتنافس عالمي، لا يستثني السياسة ولا الاقتصاد ولا الدين!
وبذلك، لا يقتصر الأمر على ما يريده الليبيون، وهم أضعف حلقات المعضلة، بعد أن انقسموا بين تلك الأطراف الدولية، كل طرف يجد دعم من قوة دولية، وبنفس الوقت تستخدمه لتنفيذ رؤيتها ومخططاتها بشأن ليبيا “الأرض، الحكم، الانتماء”.
الخلاف بين الليبيين؛ لا يعدو عن كونه صراع دموي عنيف على السلطة، باستخدام القوة، للوصول الى الثروة، بغطاء الدين والوطنية. أما الخلاف بين القوى الاقليمية، فله جوانب متعددة، فمنهم من يريد حصة الأسد من الاقتصاد الليبي، ومنهم من يريد نظام عميل يخدم رؤيته في عموم المنطقة، ولا أحد منهم “على الإطلاق” يقدم مصلحة الشعب الليبي على ما يريده.
في باريس، سيلتقي قادة أوروبا وأمريكا، ومعهم أطراف مؤثرة في الصراع الليبي، وسط أنباء تشير إلى غياب أحد أهم الأطراف المنخرطة في الصراع على الأرض “تركيا”، إذ من المرجح مناقشة خروج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وهو ما ترفضه تركيا جملةً وتفصيلاً، وهذا يتوافق مع وجهة النظر الروسية، التي وجدت فرصةً تاريخيةً لموضع قدم في شمال أفريقيا، تُقايض به خصومها الكبار، أي أن وجود الطرفيْن حقيقةٌ واقعةٌ على الارض، وخروجهما ليس في مصلحة أيٍّ منهم، خصوصاً أنهما ليسا متخاصمين على أي حال.
الموقف الأمريكي المناور والغامض هو الأهم في مخرجات مؤتمر باريس، فلا أحد يجزم بمعرفة الطرف الذي تسانده أمريكا، فهي فيما يبدو واضحاً أنها معهما في الوقت ذاته، والشواهد كثيرة على ذلك، والمتغير في المعادلة المتوازنة خلال السنوات الماضية، وهو ما جعل خروج القوات الأجنبية مستحيلاً؛ هو تبعات الترضية الأمريكية لفرنسا، بعد الخذلان الكبير في صفقة الغواصات الأسترالية، ليس فقط بانتزاعها من فرنسا بل تشكيل محور جديد “أمريكي، بريطاني، أسترالي”، يستثنيها من أهم التطورات على مستوى القوة في العالم، خصوصاً في مواجهة الصين.
تشير بعض الأنباء، إلى أن الرئيس الأمريكي أعطى وعوداً لمساندة فرنسا في مواقفها تجاه أفريقيا، بزيادة الدعم المادي والسياسي.
السؤال الذي ينتظر إجابة فِي باريس:
هل تقع ليبيا في أفريقيا أم في الشرق الأوسط؟!