ليبيون يتخوفون: “حنان دولي” أم “توطين المهاجرين”؟
تتصاعد حالة خوف حقيقية في ليبيا من استغلال أطراف دولية مؤثرة “المشهد المعقد” في ليبيا، في مسعى لتشكيل حالة ضغط دولية تسمح بإقفال مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين، والذين لا تتوفر إحصائية دقيقة بشأنهم، لكن الضربة الجوية لأحد هذه المراكز في تاجوراء قبل نحو أسبوعين، فتحت الباب واسعا أمام دعوات متكررة ومتصاعدة لإقفال مراكز إيواء المهاجرين غير القانونيين في ليبيا، التي تقول تقارير دولية إنهم يتكدسون في ظروف مهينة ومزرية، وأن بعض هذه المراكز تديرها جماعات مسلحة بعيدا عن سلطة حكومة الوفاق الوطني.
تقول أوساط مواكبة إن تجدد هذه الدعوات الدولية في لحظة ملتبسة ليبيا حيث الصراع العسكري في العاصمة، تأتي من دون خطة دولية واضحة المعالم بشأن مصير المهاجرين غير القانونيين فيما لو جرى إغلاق هذه المراكز، وهذه الدعوات التي تخلو من خطط لإعادة المهاجرين إلى الدول التي جاؤوا منها من شأنها أن تحيي مخاوف من توطين مئات الآلاف من هؤلاء المهاجرين في ليبيا، الأمر الذي سيُشكّل ضغطا رهيبا على ليبيا، وعلى ثروتها المالية في العقود المقبلة، ومن المحتمل أن يتم منحهم الجنسية الليبية، الأمر الذي من شأنه أن يُحْدِث خللا ديمغرافيا في التركيبة السكانية لليبيا في السنوات المقبلة.
في العامين الماضيين صدر أكثر من تقرير يتحدث عن وجود مفاوضات واتصالات بين دول أوروبية وأخرى أفريقية لتوطين المهاجرين غير القانونيين، في مهمة أوروبية للتخلص منهم في تلك الدول الأفريقية مقابل حزم مساعدات مالية ضخمة، وإسقاط ديون مليارية عن تلك الدول التي تقبل بفكرة التوطين، وسط ارتباك أوروبي مستمر منذ سنوات بالتعامل مع عبء اللاجئين غير القانونيين الذين يحاولون الفرار من دولهم الأفريقية عبر الحدود الليبية الذائبة أولا، ثم عبر مياه البحر المتوسط نحو الشواطئ الأوروبية.
المبعوث الأممي إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة يقول في حديث مع الصحافي اللبناني سمير عطاالله ونشره الأخير في مقال له في صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية الأسبوع الماضي، إن عدد المهاجرين في ليبيا يصل إلى نحو 800 ألف مهاجر، عدا عن عدد غير محدد من المرتزقة، ما يطرح سؤالا ليبيا ما إذا كانت “الهَبّة الدولية” بشأن مراكز الإيواء في ليبيا هي “حنان دولي” أم توطئة ل”التوطين” في ليبيا، وسط انشغال الليبيين بمتابعة أخبار الاشتباكات المسلحة في عاصمتهم.