ليبيا قبل فوات الأوان
عبدالوهاب قرينقو
بعد العمليات الكبرى للقوات المسلحة الليبية في الجنوب – وإحراز جيشها الوطني السيطرة على أهم المواقع ودحر العصابات الإجرامية الغازية، وفي الطريق مجموعات إرهابية وفلول أخرى- تباينت الآراء والتقييمات الداخلية والإقليمية والعالمية.
في هذا المقال المقتضب سأحاول رصد ما تراه وتُوجّهُ إليه مراكز صنع القرار وما يُفترض أن يتجه إليه المسؤول الليبي–”الحاكم خاصةً”- لما فيه صالح الشعب الليبي وسيره الحثيث الصعب نحو نهضة بلاده ودخولها خط الأمم الساعية نحو التطور والعيش الكريم.
بعد كل انتصار وتقدم للجيش الوطني الليبي في جميع الاتجاهات على الخارطة الليبية من شرقها إلى وسطها وأخيراً وليس بآخر جنوبها، تخرج علينا وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية ومراكز الأبحاث الدولية الشهيرة كل يحلل على ليلاه ويتجه بالتقييم بما يوافق مركز صنع القرار الذي يتبعه أو يوجهه على هواه.
إن كان هدف الجيش كما يراه قادته وضباطه وجنوده ومعهم أحرار ليبيا وأخيارها هو:
(تأمين تراب وحدود البلاد وطرد الغزاة وحماية الشعب والذود عن الثروة التي تتناهشها عصابات بربطات عنق وأخرى بأسمال شوارعية بالية برعاية حكومة هشة مرتهنة لطيور الظلام).
أو إن كان للجيش هدفان، دحر الإرهاب والإجرام وبالموازاة السيطرة على منابع النفط ومرافئ تصديره–”حسب تقييم مركز أبحاث أميركي”.
أو إن الأهداف غير ذلك، كما ترى بعض أبواق العرب وعلى رأسها “الجزيرة”، فكل الأمور يفترض أن تهم الشعب الليبي بدرجة أولى،لا سواه، فهو وحده وأولاً من يحق له تقرير مصيره وصون بلاده وحفظ ثرواتها وإنهاء مرحلة الفوضى التي طالت والانقسام الذي يكاد يهدد وحدة ليبيا الوطنية.. وغير بعيدة الأمثلة الحزينة كما يحدث في سوريا وما حدث قبلها في العراق وقبلهما السودان وقبل الجميع أوطان أخرى ضاعت في مهب الحضارات بفضل غباء من كان يقودها ويقود شعوبها المقهورة وسط عالم يضطرم بالصراعات وأطماع لا تنتهي وتحكمه عصبة أمم قوية تمتلك المال والقوة وإرادة السيطرة/الهيمنة.
رأيي الخاص هذا قد يراه العارفون بمعايير السياسة الدولية مثالية عاطفية ومجرد تمنيات! .. لكنه في العمق مدعاة مُلِّحة أن يأخذ الليبيون الدرس، فإن كانوا غير قادرين على وضع اليد في اليد ومنع كل التدخلات الدولية فلا مناص إذاً من الحد من هذه التدخلات باستغلالها بشكل واقعي موحد للخروج بأقل الأضرار وما تيسر من مكاسب، نحو الإفادة من جعلها في صالح الأمة الليبية المنتظرة، لا أن تتحول كل الأطياف السياسية الوطنية التي تقود البلاد –ومن اصطف معها من الشعب- إلى مجرد أدوات وعصي لضرب الشعب بعضه ببعض ما يُهدد بقاء الكيان الليبي ليخيم شبح التقسيم، وسط صمت مطبق، فاغرين الأفواه فيما نتفرج على المشهد العظيم لأمم صعدت على أكتاف خيبتنا /هزيمتنا.