ليبيا في نظر “أميركا بايدن”.. أردوغان أكبر خطر
خاص| 218
في مقابلة مع برنامج “US-L” على قناة “NEWS 218″، تحدث نائب وزير الدفاع الأميركي سابقا، وسفير أميركا في تركيا سابقا، إريك إدلمان، بتفصيل عن خطورة التدخل التركي في ليبيا، وموقف الولايات المتحدة الحالي والمستقبلي للتعامل مع الملف الليبي، وملفات أخرى ساخنة في الساحة الليبية.
الغياب الأميركي
وذكر إدلمان أن الولايات المتحدة كانت غائبة بالمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، ولم نلعب دورًا قياديًا أو دورًا دبلوماسيًا في المنطقة، وهي الآن تمر بإعادة تقييم رئيسية منذ 12 عامًا حول الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة في العالم، وهناك فرصة تحت قيادة “جو بايدن” إذا تم انتخابه أن نرى جهودًا أكثر قوة على صعيد الدبلوماسية.
وبشأن الدور الأميركي في ليبيا، رأى إدلمان، أن واشنطن الوحيدة التي يمكنها التحدث إلى جميع أطراف الأزمة الليبية والمتدخلين فيها، وقال “لا أعتقد أننا سنشهد أي تحولات كبيرة في تعامل واشنطن مع ليبيا قبل الانتخابات، إلا في حال حدوث بعض الأحداث الكارثية”، لكنه اتفق مع تقييم الـ “واشنطن بوست” بأن ترامب يترك للزعماء الآخرين التصرف على هواهم.
وأضاف إدلمان أنه من الصعب على الولايات المتحدة أن يكون لها نفوذ كبير في الوقت الحالي، بسبب الانتخابات وكورونا، وأيضا من الصعب جدًا أن تكون قادرًا على فرض حل لا يلجأ للسلاح عندما يقوم الآخرون بعسكرة الصراع، مشددا على ضرورة أن تنخرط أميركا بمستويات أعلى بكثير، للتعامل مع ملف ليبيا وكذلك التعامل مع شرق البحر المتوسط بصورة أوسع.
وجود أميركا عسكرياً في ليبيا
وأكد أنه لا حاجة إلى وجود عسكري أميركي في ليبيا، فيما سيكون من الجيد وجود عسكري في المنطقة بصورة عامة، فالقضية الليبية بحاجة إلى مزيد من مشاركة القيادة العليا، من الرئيس نفسه، أو وزير الخارجية أو نائبه.
ورأى “إريك إدلمان” أن ترامب في مكالماته الهاتفية مع العديد من قادة العالم، يقول لكل منهم أنت حر للقيام بما يتعين عليك القيام به في ليبيا، وهو معجب بما يسمى بالرجال الأقوياء مثل بوتين، وأردوغان، والسيسي، لكن في ظل الأوضاع الحالية في ليبيا يعتبر موقف الحياد غير كاف من قوة عظمى.
وقال إدلمان، إن إدارة أوباما، ارتكبت خطأ فادحًا عندما نفضت يديها من ليبيا بعد الإطاحة بمعمر القذافي، ولم تستخدم الولايات المتحدة قوتها السياسية أو العسكرية لمحاولة الدفع نحو حل دوليّ في ليبيا، مبيناً أن غياب أميركا مكّن القوى الأخرى من جعل الأمور أسوأ بكثير لأنها قامت بعسكرة الصراع، حيث جلبت الأطراف المتدخلة الوكلاء المرتزقة وهذا أضرّ بالشعب الليبي، وباحتمالات السلام والتنمية.
“سورنة ليبيا”
وبشأن التطورات الميدانية في البلاد، عبّر إدلمان عن مخاوفه بأن ما يجري الآن هو “سورنة” ليبيا، فأردوغان يخلق احتماليةَ حدوث دوامة من العنف تتطوّر إلى صراع أوسع وأكثر انتشارًا. مؤكدا أنه منذ تدخل أردوغان عسكريًا في ليبيا ازداد الوضع سوءًا، وما قام به جزء لا يتجزأ من سياسة أكثر عدوانية تتبعها تركيا في جميع أنحاء شرق المتوسط.
وأوضح أن التدخل التركي تهديد لليبيا وللشعب الليبي ويُمثل في النهاية تهديداً للأمن القومي الأميركي، ولآفاق حل تفاوضي سلمي في ليبيا لأنه تهديد يجتذب لاعبين آخرين، ويشكل تهديدا للمنطقة وللأمن الإقليمي ولأوروبا.
ولفت “إريك إدلمان”، إلى أن الصراع في ليبيا زعزعَ استقرار السياسة الإيطالية بدرجة كبيرة جدًا، نظرًا لأن ليبيا أصبحت بؤرة للهجرة إلى جنوب أوروبا، كما أن روسيا وتركيا زعزعتا استقرار المنطقة ككلّ بشكل خطير. إذ إن النزاع في ليبيا انتقل بالفعل إلى الدول المجاورة.
وأشار إلى أن أردوغان لم يكن متحمسًا جدًا للإطاحة بالقذافي لأنه كان في الواقع حاصلًا على جائزة معمر القذافي الثمينة لحقوق الإنسان، مع مكافأة مالية لم يقم بإعادتها حتى بعد الثورة.
أردوغان أضر بتركيا
وأكد إدلمان أن أردوغان أخذ تركيا في مسار سلبي للغاية، وأخذها بعيدًا عن كونها مجتمعًا علمانيًا ديمقراطيًا في اتجاه حكومة أكثر سلطوية واستبدادا، السلطة في تركيا الآن تتمحور حول شخص رجب طيب أردوغان، كما أن تدهور الاقتصاد سيستمر في إرباك أردوغان في الأشهر المقبلة وسيدفعه هذا نحو المزيد من الإجراءات الاستبدادية الوحشية.
ورأى أن “معاقبة أردوغان ستكون مفيدة ولدينا قانون محدد ولا أفهم لماذا لا ينطبق ذلك على مصرف “هالك بانك” التركي أيضًا. واعتبر أن مهمة بوتين وأردوغان في هذه المرحلة، إظهار الهيبة والنفوذ وأنْ يُنظر إليهما على أنهما اللاعبان الرئيسان في المنطقة.
ردع أردوغان
وقال “إريك إدلمان”، إن أردوغان لديه طموحات بإعادة بعث الخلافة العثمانية لكن مؤسسة الخلافة غير مناسبة للقرن الحادي والعشرين، واستخدم العداء لأميركا كأداة سياسية، لكن مجموعة بايدن يدركون وسائل إردوغان جيدًا. ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن بايدن سيتأثر بالطريقة التي تأثر بها ترامب.
وأضاف إدلمان أن بايدن في حال فوزه سيحدث تغيير فيما يتعلق بالسياسة حيال تركيا ولن نرى قدرًا كبيرًا من المرونة مع أردوغان كما رأينا في عهد ترامب. مشددا على أن العقوبات هي إحدى الأدوات التي يمكن للولايات المتحدة استخدامها ضد تركيا.
وعن سلبيات تركيا، ذكر إدلمان أنها تدخلت في سوريا وانخرطت بطرق غير مفيدة للغاية، وكانت ترعى الجماعات الإسلامية في سوريا، واستخدمت بعض هؤلاء العملاء الإسلاميين للتدخل في الحرب الأهلية الليبية، مؤكدا أن تدخل تركيا في سوريا وليبيا مزعزع لاستقرار المنطقة وله عواقب سلبية هائلة عليها.
معضلة المرتزقة
وقال إدلمان إن المرتزقة في ليبيا يخلقون مشاكل مستمرة تجعل إدارة الصراع أكثر صعوبة بشكل غير محدود، مشددا على أن الحل التفاوضي يجب أن يتضمنَ شرطاً بأن الأطراف التي جلبت المرتزقة يجب أن تكون مسؤولة عن إخراجهم من البلاد.
ورأى أنه لا يمكن الحفاظ على تدفق النفط بينما الحرب الأهلية مستمرة، مشبهاً ذلك كوضع العربة أمام الحصان، ومع ذلك ستكون موارد الطاقة هي ما يُمكن ليبيا من الوقوف على قدميها مرة أخرى بمجرد انتهاء الحرب، وفق إدلمان.
الدبلوماسية الأميركية في ليبيا
قال نائب وزير الدفاع الأميركي سابقا، إريك إدلمان، إن السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند دبلوماسيّ أميركي ماهر وقادر للغاية ومحنّك ويمكنه فعل الكثير، لكنه يحتاج إلى دعم من الحكومة على مستوى عالٍ لتنفيذ مهمته، إلا أن حكومة الولايات المتحدة منشغلة الآن بأمور أخرى، مثل جائحة كوفيد 19 في الداخل الأميركي، وقضية إعادة انتخاب الرئيس.
ولفت إدلمان إلى أن الوضع الإنساني في ليبيا مع استمرار القتال كافٍ لتبرير التدخل الدبلوماسي للتوصل إلى حلّ، ويمكن أن يكون وجود مبعوث أميركي مفيدا لمحاولة حل النزاع الليبي بطريقة سلمية حتى لا يصبح مصدرًا لنزاع آخر في المنطقة.
وتمنى إدلمان رؤية دور أميركي أكثر نشاطًا في التعامل مع المشكلة التي تواجهها ليبيا اليوم، لأن النزاع في ليبيا يهدد منطقة شرق البحر المتوسط بأكملها ويهدد مصالح الولايات المتحدة، ومن المهم جدًا أن تستعيد الولايات المتحدة وجودها البحري في شرق البحر المتوسط بسبب نشاط روسيا وتركيا.