ليبيا “صغيرة”.. في طريقها إلى الوطن
خاص 218
أحلام المهدي
لم تكُن ليبيا يوما من الدول التي يسافر مواطنوها فقط للسياحة، ولا أتحدث هنا عن بعض المُرفّهين أو المغامرين أو الحالمين، فهم لا يفرضون عددهم القليل على واقع الحالِ مهما تصوّرنا كثرتهم، وإذا كنت في طريق العودة إلى ليبيا من أي مطارٍ في العالم، فإن ليبيا صغيرة سترافقك إلى هناك.
إلى ليبيا، يجب أن يرافقك بعض الأشخاص الذين يحملون “ملفّات صحية” قد تكون حقائبهم ضاقت بها، فحملتها أيديهم خشية أن تتكسّر أوراقها العريضة، أو أن تضيع في زحمة الحقائب، وسترى بعض الأمراض ترتسم بقوّة على بعض الأجساد، كأن يجلس بالجوار طفلٌ لم يتجاوز العاشرة، له جسدٌ هزيل ورأسٌ لا شَعر فيه، لِتُخمّن بألمٍ شديدٍ مرضهُ الذي جعله يسافر خارج الوطن، وهو الذي لم يبرح قريته يوما، وقد تسرح بخيالك وأسئلتك لتعرف سبب عودته إلى ليبيا، قد تتفاءل لتقول بأنه قد يكون تماثل للشفاء ففعل، وقد تُعْمِلُ عقلك لتعرف أن ضيق الحال أو اليأس من الشفاء هو ما أعاده إلى الوطن.
لن تخلو الرحلة أيضا من بعض من تتجلّى ليبيا في ملابسهم الليبية، حتى أن أحدهم قد يتهادى في مشيته تماما كما يفعل من يرتدي بدلةً من “جورجيو أرماني” أو قميصا من “دولتشي اند غابانا”، وتشعر أن ليبيا تمشي على الأرض، عندما ترى “جَردا” أبيض يتوسّد كتف أحدهم، ليُرصّع طلّته الليبية “الباهية”، رغم حرارة الصيف.
ومن الطبيعي أيضا أن تشاهد سيدةً يظهر على ملامحها عدم الرضا، لأنها اضطرت بسبب السفر إلى تبديل هيئتها والاستغناء عن “ردائها” الذي قضت عمرها “متحزمة” به، لتستبدله بثيابٍ أخرى لم تعتد عليها يوما، وسيبعث الحياة في هذه الصورة عددٌ من الأطفال الذين يتقافزون ويمرحون، فأسباب سعادتهم كثيرة، أهمها تجربة السفر التي تتلخّص عندهم في “الطيّارة”، وأيضا العودة إلى الديار التي تستحق الاحتفاء بها كما يجب رغم كل شيء.
وستُكمِلُ الصورةَ بعضُ الكلمات التي تتناثر في المكان مثل: “كنّك”، “فيسع”، “قعمز”، “هلبا”، وغيرها من المفردات التي لا يقولها إلا الليبيون، لتجعل المشهد ليبيّا خالِصا، وتجعل وطنا بأسره يعود إلى الوطن.