ليبيا تواجه المجهول
سالم الهمالي
احتدمت الحمى الانتخابية في البلاد، أكثر من ألف تقدموا للانتخابات البرلمانية، وتجاوز عدد المتقدمين للرئاسة (30) حتى الآن، فيما يترقب الجميع ما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة.
المشهد الانتخابي ليس بالسهل ولا المتيسر، فالخلافات على أشدها بين أطراف الصراع الذي تولد في ليبيا منذ انتفاضة 2011، عشرة أعوام مضت، لم تخفف من حدته ولا درجة استقطابه.
الجميع يدّعي الوطنية والحرص على مصلحة الوطن والمواطن، لكنهم أيضاً، سرعان ما ينخرطون في مجادلات سفسطائية لا تنتهي ولا يوجد أفق أو احتمال انتهائها.
يبدأ كل طرف من حيث يرفض الآخر، أي إن ما يطلبه هذا هو بالتحديد الأمر الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يوافق عليه الطرف الآخر. هنا هو بيت الداء وموطن البلاء!!
خلال الأيام المقبلة ستخرج الأمور عن نطاقها، إذ إن إعلان المفوضية قبول أسماء كل من ترشح سيفجر الموقف (بلا أدنى شك)، وإذا رفضت أحدا من بين من ترشحوا سيخرج الطرف الآخر (بلا أدنى شك)، وبذلك تغيرت المعادلة الطبيعية لتعود إلى الاستثناء الذي يحكم الحالة الليبية؛ وهو إن من يقرر ما يحدث، ليس الشعب صاحب السلطة ومصدرها، بل من يرى في نفسه (تحت أي مبرر) أنه وصي على الشعب الليبي.
يجزم البعض، حتى قبل أن تجرى الانتخابات بمن سيفوز بها، وهو لا شك “رجما بالغيب”، إذ إن الصناديق وحدها من يحدد الفائز في ظل عملية انتخابية نزيهة. حالة الخوف من تلك الاحتمالات، هو ما يجعل البعض يرفض الانتخابات ويطالب بأن يستثنى (يمنع) من لا يروقه قبل إجراء الانتخابات، وذلك بالطبع لا يجد إجماعاً، حتى لو كانت مبرراته صحيحة، وإلا لما كان هناك صراع في ليبيا من الأصل!
حالة الاستقطاب على الأرض يزداد تهيجها كل يوم، مدعومة بقوى خارجية، تؤيد من يدافع عن مصالحها في ليبيا، وفي ظل انقسام المجتمع الدولي، ستبقى هذه الحالة هي المسيطرة على المشهد.
ماذا لو تأجلت/ ألغيت الانتخابات؟
المجهول، الذي لا يعلمه إلا الله، إن بذلك ستجد الأطراف الداعمة للانتخابات وغير الموافقة على أداء الحكومة رخصة فِي التعطيل والعرقلة، بمختلف الصور، من العصيان المدني إلى أساليب يعرفها الشعب الليبي جيدا بسابق تجربة. أي إن الحال العام سيذهب لمزيد من التعقيد والتردي، بدون وجود آلية سياسية مدنية للخروج منه.
ماذا لو تأجلت لمدة محددة؟
من الذي سيوافقك على ذلك، وما الذي ينتظر إنجازه خلال شهر، اثنان أو ثلاثة، أو حتى ستة أشهر لحل عقدة الصراع، التي لم تحل لسنوات؟
ببساطة أعيد، ما يطلبه هذا الطرف هو المستحيل تماما عند الآخر، والعكس صحيح تماما.
يفترض البعض فوز شخصية جدلية فِي الانتخابات، وإن حدث ذلك، فمن غير المرجح أن ينجح في ممارسة مهامه، هذا إذ تمكن من تولي المنصب.
لا توجد خيارات سهلة أمام الشعب الليبي، والتعويل على المجتمع الدولي أراه مبالغا فيه، وليس أمامهم إلا استمرار الدوران في الحلقة العبثية المفرغة، إلا إذا … ساعد المجتمع الدولي، و …
أجريت انتخابات نزيهة، واختار الشعب شخصيات بعيدة عن الاستقطاب، مؤهلة وقادرة على جمع شمل الليبيين وبناء وطن، بعد أن أصبح مضرب مثل في الفساد والخراب.