ليبيا تعود لـ”المطبخ الأميركي”.. وواشنطن تدرس “شكل التحرك”
قال مدير برنامج معهد الولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الدكتور إيلي أبو عون، إن تفجّر الأوضاع الأخيرة في ليبيا كان نتيجة خلاف دولي وإقليمي حول كيفية التعامل مع الوضع الليبي، مشيرا إلى أن الواقع الإقليمي هو المسؤول عما يحدث في البلاد، وأن توقيت الهجوم على طرابلس كان بمثابة “الضربة” لمصداقية الأمم المتحدة، لكن إلقاء اللوم في تعثر العملية السياسة على مبعوث الأمم المتحدة فيه الكثير من عدم الموضوعية.
وأوضح “أبو عون” لبرنامج “US-L” على قناة “218NEWS” أن ليبيا الآن مجهولة المصير وتقف على مفترق طرق كونها من الممكن أن تدخل إلى دائرة عنف أكبر من التي تمر بها حاليا، وهو ما يعني المزيد من الدمار، مبينا أن ما يحدث الآن في البلاد يعتبر مسارا تدميريا لجميع الأطراف ولن يخرج منه منتصر.
وحول مساعي التهدئة القائمة لوقف إطلاق النار في ضواحي طرابلس، أكد “أبو عون” أن قدرة المجتمع الدولي على تصميم أي مبادرات مرهونة بتقبل المجتمع المحلي لها، مضيفا أنه من المفيد للطرفين أن يقبلا بآلية تفاوض يمكن خلق ظروف مناسبة لها، مشيرا إلى أن المؤتمرات هي إحدى الآليات للتعاطي مع الوضع الحاصل في ليبيا.
وفي السياق ذاته، اعتبر “أبو عون” ليبيا من أفضل الأمثلة على اختلاف إرادة الأطراف المحلية مع رغبة المجتمع الدولي، مؤكدا أن الرهان الأساسي في ليبيا الآن هو على قدرة الإرادة المحلية على الدفع نحو الخروج من المأزق الحالي، كون أطراف النزاع لن تحصل على أكثر مما لديها الآن سواء استراتيجيا أو سياسيا، بغض النظر عن التغيرات التكتيكية اليومية.
وأضاف: “توجد إمكانية ضئيلة أن يقضي أحد الطرفين وقتيا على الطرف الآخر، لكن لن يتمكن من السيطرة على البلاد. واقع الحال يقول إن هناك استنزافا للطرفين المتصارعين، والأحداث الأخيرة في طرابلس أثبتت أن الطرفين وصلا إلى حد معين من القدرة الفعلية”.
وحول تعطل عجلة العملية السياسية بفشل عقد ملتقى غدامس، رأى “أبو عون” أن المؤتمر سيكون تتويجا لجهود كبيرة بذلتها الأمم المتحدة في ليبيا، وكانت هناك آمال كبيرة معقودة عليه لوقف دورة العنف والانتقال إلى مسار الانتخابات لأن أغلب النزاعات المسلحة في التاريخ المعاصر انتهت بحلها عن طريق التفاوض، حسب قوله.
وأشار “أبو عون” إلى أن المجتمع الدولي لديه عمل قد يستغرق 50 عاما للنهوض بليبيا في ظل حد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني، نظرا لأن أغلب القطاعات الأساسية في ليبيا مدمرة تماما من أيام النظام السابق، وعلى الرغم من أنها تمتلك مقومات كثيرة، لكن تحسن الوضع الأمني شرط أساس للنهوض باقتصادها.
وحول دور الجيش الوطني في سير العملية السياسية في ليبيا، كشف مدير برنامج معهد الولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن المعهد كان يرى وجوب عدم استثناء الجيش الوطني من العملية السياسية، لافتا إلى أن الدعم الدولي للقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر ليس بجديد وكان متوفرا منذ البداية، كما أكد الدكتور إيلي أن ليبيا عادت إلى خارطة واشنطن والأخيرة بصدد بلورة سياسة محددة تجاهها.
وقال “أبو عون” إن الأحداث الأخيرة في طرابلس أثرت على بعض مشاريع معهد الولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ليبيا، بينها التعاون مع وزارة العدل ضمن مشروع يخص العدالة الجنائية، منوها أن المعهد يختص بالسلام ولا يتدخل بالدفع نحو أي سياسة للحفاظ على استقلاليته.
وحول طبيعة بقية المشاريع، أوضح أن بينها مشاريع في الجنوب تتضمن حوارات بين جماعات عرقية وسياسية مختلفة، إضافة إلى مشاريع مع جماعات شبابية للتخفيف من حدة العنف عبر الحوارات.
وحول مدى تجاوب المواطنين في ليبيا مع هذه المشاريع، قال: “هناك عدد كبير من الشباب في ليبيا مقتنعون أن العنف لن يؤدي إلى أي نتيجة. رأينا بعض من انخرطوا في الأعمال العسكرية يعيدون النظر ويتخلون عن السلاح”.