لماذا مصنع هون ؟!
عبدالوهاب قرينقو
منذ أيام بعد قصف طائرة عسكرية في مطار الجفرة – تنقل وفداً اجتماعياً – أسفر عن مصرع شاب من مدينة هون، ظهرت علينا وسائل إعلام مختلفة لتعلن عن خطر جلل يربض في مصنع كبس وعجن التمور في مدينة هون والخطر المقصود تمثل حسب التصريحات بوجود أسلحة وذخيرة تتبع تنظيم الإرهابيين مكدسة في المصنع
” ياساتر ” !! . . . ذخيرة وإرهاب ؟!! .
..
يعاني مصنع هون لتصنيع التمور كما غيره من مصانع المواد الغذائية في ليبيا من الإهمال بعد تخلي شركة المعمورة منذ سنوات عن هذه المصانع .. ومصنع التمور هذا تأسس في العهد الملكي خمسينيات القرن الماضي كمصنعٍ أولٍ والحكومي الوحيد في ليبيا لتصنيع التمور ،كبسها وعجنها ولاحقاً خطوط حديثة لمشتقات التمر الأخرى من خل ورب وكحول طبية
..
اليوم بعد تلميحات الإعلام المبنية على مجرد إشاعات ، تنادى ما تبقى من موظفين وعاملين في مصنع هون للتمور ودعوا مراسلي وسائل الإعلام المختلفة ومن بينها قناة 218 ليثبتوا لكل الليبيين بطلان الإشاعات والأقاويل بأن مصنعهم تحول إلى مخازن للذخيرة والسلاح وأن مصنعهم هو مجرد مصنع متوقف عن العمل خالية قاعاته من التمر والسلاح على حد سواء !!
..
مصنع في طي النسيان إلى أن تقوم دولة صناعة وتنمية ومؤسسات طال انتظارها ،لأن الليبيين ليس لديهم متسع من وقت مع ماراثون الكراسي والتعطش للحكم وفي الطريق مقاومة الإرهاب والإرعاب المُضاد ! .
..
في نهاية السبعينيات انتقل مصنع التمور إلى نسخته المطورة الحالية – موضوع المقال- في حي الغرابي عند الطرف الغربي .. وظل يتبع شركة المعمورة لانتاج وتصنيع المواد الغذائية التي احتكرت كل مصانع الأغذية في ليبيا ،مع هذا ظل المصنع ينتج وقد اشتهر بالتمر باللوز في قوالب عجوة ذاع صيتها وقد دخلت ضمن سمات فخر الصناعة الوطنية قبل أن تنهار شركة المعمورة وتتحول مصانعها المتناثرة في ربوع شتى من ليبيا وظلت المصانع تتخبط بين الخوصصة غير النظيفة والتحوير المضحك ،ما أدى إلى توقف الانتاج في مصنع هون .
..
في 1994 نقل النظام السابق مقر قيادة الجيش الليبي بقيادة أبوبكر يونس جابر إلى مدينة هون .. وضمن اهتمام هذا الضابط الراحل بالزراعة وما يتعلق بالنخيل فقد أعطى آوامره بضم المصنع إلى ركن الإنتاج بالقوات المسلحة الليبية ، لم توفق الوصاية العسكرية على المصنع من تسديد ديون المزارعين الذين باعو تمورهم وفسائل من نخيلهم للمصنع ولمشاكل أخرى سرعان ما توقف الانتاج لسوء الإدارة العسكرية لمصنع مدني .
..
اليوم وقد غُمِزَ ولُمِزَ على المصنع بناءً على مجرد إشاعات كان بإمكان عمال المصنع البقاء في بيوتهم سالمين كغيرهم ينتظرون أي خطرٍ قد يأتي على المصنع لكن احترامهم لعملهم وحرصهم على مكاسب الوطن دفعهم أن يبينوا الحقيقة .. حقيقة مصنع كان من مصادر غذاء العباد والبلاد ..
واليوم تحاول أن تفتح الأبواب
لتجد العشب ينبت على عتبات المداخل .
في انتظار الأمل ..
بعودة عجلة الانتاج .. وعودة بلاد هجرها الآمان .
ــــــــــــــــــــــ