لماذا لا تعتذر «الوفاق» عن عدم حضور قمة لبنان؟
بشير زعبية
القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية ليست مصيرية بالنسبة لليبيا، ولا تشكّل أولوية في قائمة انشغالات الليبيين، وحضورها من عدمه لن يقدّم ولن يؤخر شيئا في شأن ما تمرّ به بلادنا الآن، وأمام منطق التطاول على ليبيا والليبيين الذي غلب على خطاب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والمجلس الشيعي الأعلى في لبنان الذي بدأ بدعوة الحكومة اللبنانية رفض التمثيل الليبي ولم ينته عند التهديد بما وصفه الخطاب «رد الفعل الشعبي» المحتمل في حال دعوة ليبيا، أرى أن على حكومة الوفاق المعنية بالدعوة، مقاطعة هذه القمة بالاعتذار الرسمي عن عدم حضورها احتجاجا على الحملة التي تشن على الحضور الليبي، وتدخل أطراف لبنانية في اختصاصات جامعة الدول العربيّة، فلبنان دولة مضيفة فقط أما الدّاعي والمنظم فهو الجامعة العربية، وإذا اعتبر الطرف اللبناني الذي يقود الحملة أن المسألة هي «مسألة كرامة اللبنانيين» فلتعتبرها حكومة الوفاق أيضا «مسألة كرامة الليبيين».
إنّ الحملة التي يقودها نبيه برّي ومعه المجلس الشيعي الأعلى وليس ببعيد عنهما حزب الله – ومع احترامنا الكامل لمطلب الشعب اللبناني الشقيق في المطالبة بالكشف عن مصير الإمام موسى الصدر- هي في الحقيقة عنصر إضافي في تجاذبات ومناطحات الواقع السياسي الحالي في لبنان، وتحديدا بين مؤسسة الرئاسة وخصومها من ناحية، ومن ناحية أخرى الضغط من قبل حلفاء سوريا باتجاه عدم عقد القمة بدون حضور سوريا، وتوظيف ذلك في الزج باسم ليبيا في مقايضة سياسية بالخصوص .. ولتكن هذه مناسبة أخرى للتعامل مع قضية الإمام موسى الصدر بعقلانية سياسية بعيدة عن أجندات الأشخاص والتوظيف السياسي، وفي إطار إنساني بين الجانبين الليبي واللبناني، مع دعوة الأخير لتفهم الحالة الليبية التي تعيق أداء مؤسسات الدولة حتى على مستوى الاستحقاقات الداخلية، ما بالك الخارجية، ولو كانت الدولة قادرة، لطالبت هي أيضا الحكومة اللبنانية بإطلاق سراح المواطن الليبي هانيبال القذافي المحتجز الآن في لبنان رغم انقضاء مدة سجنه المحكوم بها (3 سنوات) وتسليمه إلى السلطات الليبية إن كان مطلوبا من قبل القضاء الليبي، أو فليسمح له بالتوجه إلى سوريا وفق ما قيل أن هذه رغبته.
لقد صبر اللبنانيون والليبيون 40 سنة على تسوية ملف هذه القضيه، التي أضرت بمصالح الشعبين الليبي واللبناني، ولماذا لا نصبر قليلا، آملين جميعا أن تنتهي إلى ما يرتضيه الطرفان، وترتضيه أسرة الإمام، لتعود العلاقة بين ليبيا ولبنان إلى وضعها الطبيعي كدولتين عربيتين شقيقتين خارج نطاق الخلافات .