لماذا تحتاج ليبيا إلى تعديل الاتفاق السياسي؟
ترجمة خاصة عن : Bloomberg
كان التحدي الأساسي الذي واجهته ليبيا منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011: هو تجاوز عقبة التنافس على السلطة والنفوذ. ولكن اتفاق السلام الذي أبرمته الأمم المتحدة في عام 2015 (الصخيرات) أنشأ حكومة وفاق ليس لها في الواقع أكثر من اسمها، واليوم فإن ليبيا منقسمة بشكل فعلي.
والآن تقوم الأمم المتحدة بمحاولة أخرى، وعقد حوارات تهدف إلى تحسين الاتفاق السابق وستكون المفاوضات شاقة. إن ما يضفي الطابع الملح على البحث عن اتفاق هو انهيار الاقتصاد، وعودة تنظيم داعش إلى البلاد، ومحنة عشرات الآلاف من اللاجئين العالقين في ليبيا أو في انتظار رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.
ما هو مختلف هذه المرة؟
في جوهرها، تطمح الخطة الجديدة للأمم المتحدة إلى أن تكون أكثر شمولية. وكشف النقاب عنها مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في سبتمبر، وقال إنه يسعى إلى تعديل اتفاق الصخيرات عام 2015 – المعروف بالاتفاق السياسي الليبي – من خلال إشراك ليس فقط المجلسين التشريعيين المتنافسين في ليبيا ولكن أيضا الفصائل المسلحة وجماعات المجتمع المدني التي تم تهميشها من قبل.
وانتهت الجولة التي استمرت شهرا في تونس يوم 21 أكتوبر دون تحديد موعد قادم. وإذا توصل الطرفان إلى اتفاق واسع، سيعقد مؤتمر وطني لاختيار مرشحين للهيئات التنفيذية المعاد تشكيلها. ويهدف غسان سلامة إلى تقديم جدول زمني لإجراء استفتاء حول دستور جديد لا يزال قيد الصياغة، بالإضافة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية.
لماذا فشل اتفاق الصخيرات؟
هدف صفقة الصخيرات إلى دمج إدارتين متنافستين – أحدهما في العاصمة طرابلس، والآخر إلى الشرق في طبرق – وإعادة بناء مؤسسات الدولة. لكنها استثنت اللاعبين الأقوياء، بما في ذلك بعض الميليشيات التي قادت الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي، وقال النقاد إن الفشل هو بمثابة صفعة للاتفاق الذي فرضه المجتمع الدولي. وأحد أكثر عناصرها إثارة للجدل هو المادة 8 التي تقتضي من جميع كبار المسؤولين التنحي عن العمل بعد دخول الاتفاق حيز النفاذ.
وقد فشل الاتفاق السياسي في معالجة القضية المعقدة المتعلقة بمن سيقود الجيش الوطنى. وقد رُفض الاتفاق من قبل القيادة الشرقية، التي تضم القائد العسكرى المؤثر خليفة حفتر الذي يسيطر الآن على بعض اكبر منشآت البترول فى ليبيا.
هل أحرز المفاوضون تقدما في تونس؟
ليس تماما. وقال سعد بن شرادة عضو مجلس الدولة في طرابلس إن المندوبين اتفقوا على تقليص المجلس الرئاسي وهو الهيئة التنفيذية التي من المفترض أن تقوم بمهام رئيس الدولة والتي يقودها حاليا رئيس الوزراء فايز السراج . وستنخفض من تسعة أعضاء إلى ثلاثة أعضاء، واحد من كل من المناطق الجغرافية الرئيسة في ليبيا. إلا انه لم يتم التوصل إلى اتفاق حول كيفية اختيارهم.
وتحدث البعض عن انعدام المرونة بين الجهات الفاعلة الرئيسية. وتحدث عضو مجلس الدولة عمر بوشاح عن الصعوبات التي واجهتها المشاركة الموسعة: “عندما ترضي المفسدين القدامى، يظهر مفسدون جدد”.
ماذا سيحدث لحكومة الوفاق
سعت حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، التي تكونت في طرابلس في أوائل عام 2016، إلى إحراز تقدم كبير. وبدون وجود قوات مسلحة تحت سيطرته المباشرة، اضطر رئيس الوزراء إلى الاعتماد على “الميليشيات” المتحالفة لتحقيق إنجازاته القليلة – مثل طرد داعش من مدينة سرت. ومنذ ذلك الحين قام داعش بعمليات اختراق في أماكن أخرى في ليبيا، ما يشكل خطرا أمنيا كبيرا على البلد وجيرانه. كما يُتهم السراج على نطاق واسع بالتسبب في انهيار الاقتصاد.
وسيبقى على الأرجح في المنصب في الوقت الذي يستمر فيه البحث في وضع إطار جديد، على الرغم من الخلافات حول ما إذا كانت ولايته شرعية.
هل يستطيع حفتر الاستيلاء على السلطة؟
لا يظهر حفتر أية علامات على التراجع عن أهدافه. وحصل على مزيد من الشرعية السياسية بعد اجتماع توسطت فيه باريس مع السراج في يوليو، وكان يسوّق نفسه بأنه الرجل الوحيد القادر على قيادة ليبيا الموحدة.
والمعارضة له مشتتة ومن غير المرجح أن تقدم منافسا مماثلا. وقد أطلق مؤيدو حفتر عريضة في الشرق تروج له كرئيس مستقبلي. مع ذلك، ومن أجل الفوز في الانتخابات، يجب أن يحظى بدعم أجزاء رئيسية من وسط ليبيا وغربها، الذين يشكلون 70 % من السكان، وكثير منهم لا يحبونه لولائه السابق لنظام القذافي. من غير المرجح أن يتمكن حفتر من تجميع القوات المسلحة الكافية التي يحتاج إليها للسيطرة على البلاد.
ما هي المخاطر؟
أدت ست سنوات من القتال الأهلي إلى خسائر فادحة في ليبيا، التي تقع فوق أكبر احتياطيات النفط الخام المؤكدة في أفريقيا، وهي المصدر الرئيسي للإيرادات.
وفي أغسطس، قدر البنك المركزي أن إغلاق مرافق إنتاج النفط خلال السنوات الثلاث الماضية قد كلف ليبيا أكثر من 160 بليون دولار. من المقدر أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 13.9 مليار دولار في عام 2017، أي نحو 15 في المائة من مستوياته في عام 2012، وفقا للبنك المركزي.
وقد تدهورت الخدمات مثل الصحة والتعليم والكهرباء، وأدى التأخير في دفع رواتب موظفي الدولة إلى إثارة حالة من الغضب. كما أن انهيار ليبيا قد بلغ مداه إلى أبعد من حدوده، وأدت الفوضى إلى وجود شبكة تهريب مزدهرة تتاجر في البشر والمخدرات والأسلحة.
*المقالات المترجمة المنشورة على 218tv لا تُمثّل وجهة نظر المؤسسة ولا تتحمل أية مسؤولية قانونية تجاه إعادة نشرها