للعُملة وجهان وللمباني العشوائية وجوه كُثر
آلاء الفرجاني
ما الذي يدفع شاباً في أوج عمره لاقتراض مبلغ بسيط والبناء في براح الشارع؟ بينما شهادته الجامعية تندسُ بين وريقات الرقم الوطني وإثباتات الهوية، وما الذي دفع الآخر لنصب خيمة مُتهالكة لبيع الخضروات، ولماذا اضطر الأخير لبناء غرفة سقفها من الالُومنيوم بجانب منزلهم ظناً منه أنها منزل وعليه البدء بتكوين عائلة؟
لماذا يقطنون الشوارع، ويتخذون من خيمهم مصادر رزق، وهم أبناء ليبيا، التي تحتل المرتبة الخامسة عربياً باحتياطيٍ للنفط يصل إلى 48.36 مليار برميل!
بعد توالي وتواصل حملة إزالة العشوائيات بمدينة بنغازي، مستهدفة المباني العشوائية، الباعة المتجولين، معارض السيارات، وخيم الخضروات وكل ما هو خارج عن التخطيط، لاستعادة هيبة الدولة والوجه الحضاري للمدينة.
مواطنون كُثيرون أيدوا واستجابوا لحملة إزالة المظاهر السلبية وفرحوا لما ستبدُو عليه مدينتهم، والبعض الآخر رأى بأم عينه مصدر رزقه الوحيد يهدّم.
إن عُرف الداء، وجد الدواء، فالداء هو تفشي البطالة بين الشباب الليبي بنسبة تبلغ 45.2% بينما يبلغ مستوى البطالة العامة بين جميع الفئات 18.7 % (حسب صندوق النقد الدولي).
هذه الفئة العمرية التي ذبلت نبتة شبابها اليانعة قبل أن تزهر.
ففي سبعينيات القرن الماضي شارك جيل الستينات في حرب اوغندا وافريقيا الوسطى، وفي ثمانينيات القرن الماضي أُخذ شباب جيل السبعينات للحرب في تشاد ومن الحروب للاحتلال نصلُ بشباب ليبيا للحصار الذي بدا في عام 1991 وانتهى عام 1999 إنه جيل التسعينات.
ليظهر على سطح هذه البقعة الجغرافية المظلمة المتهالكة جراء الحروب المتواصلة ، جيلٌ جديد .
ما إن شهدت ليبيا والليبيون بوادر الانفتاح إلا أن انقض عليهم شبحُ الحروب مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان أبناء ليبيا في حرب مع أبناء جلدتهم في عام 2011 واستمرت هذه الحرب المُستعرة إلى الآن.
إن ليبيا مَحرقة، ويبدو أنها أصبحتْ تكره الشباب وتمقُت العمار، تُبنى فيها مقابر تتسع للمزيد والمزيد، ولا تبنى فيها مشاريع لدعم الشباب وتأمين إسكانهم ،لا خُطط مستقبلية للتوظيف والتمكين .
والشبابُ الشباب.. ضاع الشباب.
إن هذا كُل الداء ، فأين الدواء؟