لقاء السراج وحفتر خطوة هامة في الطريق الصحيح
إبراهيم الدباشي
لأول مرة يبدو أن هناك رغبة حقيقية في التعامل مع الأزمة الليبية بطريقة جديّة بعيداً عن الأجندات التي تسعى إلى استدامة الفوضى.
فرنسا تولت الملف الليبي في الوقت المناسب بعد أن تأكدت أن مصالحها في إفريقيا جنوب الصحراء ستبقى مهددة بالإرهاب، وأن نفقاتها العسكرية ستزيد، طالما أن الاستقرار لم يعد إلى ليبيا. على الصعيد الدولي ما شجع الحكومة الفرنسية الجديدة على التحرك هو اختلاف موقف الإدارة الامريكية الجديدة عن سابقتها من الأطراف الليبية، وتعيين ممثل شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة لديه ارتباط كبير بفرنسا ومن السهل التعامل معه دون تاثيرات سلبية من دول أخرى، والعجز الكامل لإيطاليا عن القيام بأي شيء يذكر رغم الفرصة التاريخية التي أتيحت لها بتعيين الجنرال سييرا مسؤولاً عن الملف الأمني في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
للأسف إيطاليا تعاملت مع الملف الليبي كدولة صغيرة تابعة لبريطانيا التي شجعت ميليشيات مدينة ليبية على أن تعمل، دون علمها، وفقاً لأجندة بريطانيا التي تقوم على استمرار الفوضى وتقسيم البلاد.
إيطاليا لم تهتم إلا بجانب واحد من الملف الليبي وهو الهجرة إليها عبر ليبيا، وحتى هذا الجانب تعاملت معه بطريقة غبية عبر وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي الإيطالية موغيريني، التي ساهمت في زيادة عدد المهاجرين بتصريحاتها غير المدروسة، وتجاهلها والسلطات الإيطالية لحقيقة عدم وجود أي سلطة في ليبيا قادرة على التصدي لمهربي البشر طالما أن السلطة في طرابلس لا تملك قوة عسكرية منظمة، ورفضها التعامل مع الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر، او دعم القوات البحرية النظامية في طرابلس.
وعلى الصعيد الداخلي الليبي فقد شجعت على مبادرة فرنسا التطورات الأخيرة في بنغازي وطرابلس، ففي بنغازي انتصر الجيش على الإرهاب وفِي طرابلس تمكنت المجموعات المسلحة الكبرى المؤيدة للمجلس الرئاسي من طرد الميليشيات الطفيلية الإجرامية من طرابلس، وأصبح من الممكن التوصل إلى اتفاق بين الجيش والمجموعات المسلحة التابعة للرئاسي وتجنيب العاصمة حرباً مدمرة كتلك التي جرت في بنغازي.
لقاء السراج وحفتر ليس نهاية للأزمة ولكنه خطوة هامة نحو الحل تحتاج إلى متابعة من ممثل الأمين العام وفرنسا ودول الجوار لإقناع جميع الفعاليات الليبية بالانضمام إليها، والعمل سوياً على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن لتجاوز مشكلة تنازع الشرعية التي أرهقت تبعاتها المواطنين وأدخلت البلاد في نفق مظلم.
مسؤولية تهيئة الأجواء للوصول إلى الانتخابات مسؤولية الجميع سواءً كانوا فعاليات سياسية أو وسائل إعلام أو مواطنين.
وفق الله الجميع إلى خير البلاد والعباد وأعانهم عليه.