لعبة الورق
محمد العجمي
تنتشر ألعاب الورق حول العالم، وفي كل بلاد تختلف طريقة اللعب، والقواعد والشروط، وقد يدخل فيها المال أحياناً كثيرة، لتصبح اللعبة بخسائر جدية تهدد اللاعبين.
يكون البون شاسعاً بين من يلعب “بوكر، ويست، طرنيب” وهي ألعاب تستدعي أن يحتفظ اللاعب بأقوى أوراقه ليلقيها في النهاية مفاجئاً خصمه، وزارعاً الخوف في نفسه طوال اللعبة من أنه يمتلك ورقة رابحة، قد تلحق به هزيمة ساحقة.
في المقابل فإن ألعاب “الرومينو، حريق” وغيرها من الألعاب المماثلة، تعتمد على أن يظهر اللاعب قوته بأوراقه التي يكشفها في “النزول”، وكلما كانت الأوراق أكبر عددياً وأهم، انتهى المآل بالخصم المقابل إلى الخسارة الفادحة التي لا يستطيع تعويضها مهما فعل.
بين هذا وذاك، هناك أشكال أخرى لاستخدام الورق، ولعل أبرزها لعبة التوازن، التي تضع أوراقاً مختلفة فوق بعضها البعض، لتشكل صرحاً من الورق، قد تهدمه أبسط نسمات الريح، لكن في صناعته وحدها تستحق المحاولة.
كل هذه الألعاب إما انتهت بخسارة لاعب أو فريق، مهما خبئت الأوراق أو كشفت، فالنهاية واحدة، لكنها ليست نهاية دائمة، فما أن تخلط الأوراق حتى تعود اللعبة إلى بدايتها.
أما ألعاب التوازن، فتنتهي بنفخة ريح بسيطة، تطيح بما بناه صاحب اليد الخفيفة، مهما بلغ ارتفاعه، أو استغرق الوقت لبناءه، وكيفما كانت براعة صانعه، فهذه النفخة كفيلة بجلب النهاية.
ليست السياسة بعيدة عن الورق في تخيلي، تقارب الديمقراطية الألعاب المتعارف عليها، تجلب الصناديق سياسيين، ويخسر فريق ويكسب آخر، وسرعان ما تمر السنوات، مثل خلط الورق، لتبدأ اللعبة الانتخابية مجدداً.
لكن الأنظمة الهشة، التي تلعب على التوازنات باختلافها، مالياً وعسكرياً، تستعطف ولاء هذا، وتضرب خصماً بآخر، تبدو كلعبة التوازن، تبني صرحاً من ورق، يطير بنفخة واحدة.