لبنان يشهد أسوأ أزمة وطنية
ما يشهده لبنان قد يكون أسوأ أزمة وطنية يشهدها البلد منذ بداية تطبيق اتّفاق الطائف إلى اليوم. حتى مرحلة الخروج السوري، على ضخامتها، تمَّ تنظيمها من خلال الاتفاق الرباعي بين الكومنات السياسية الاربع الرئيسية ما أمَّن الانتقال من مرحلة إلى أخرى، واستطاعت القوى السياسية العودة والانتظام داخل المؤسسات الدستورية.
وإذا كان الاستقرار يشكّل النقطة المضيئة الوحيدة في كلّ مشهد التعطيل المتمادي، غير أنّ الاهتراء وصل إلى حدود لا توصَف، وبات يهدّد هيكل الدولة وجوهرَها، فلا رئاسة ولا حكومة، ومصيرُ التشريع معلق على التجاذبات، لكن أكثر ما أثارَ غرابة اللبنانيين هذه المرّة أنّ أحد أوجه الخلاف ليس على دور لبنان والاستراتيجية الدفاعية وقانون الانتخاب، بل حول قضية يجب أن تكون محطّ إجماع كلّ القوى السياسية وفي طليعة أولوياتها، حيث باتت أزمة النفايات تهدّد الأمن الصحّي والبيئي للّبنانيين، وفي مشهد غير مسبوق ولا مألوف يشكّل نقطة سوداء في السجلّ اللبناني، خصوصاً أنّ أحداً من اللبنانيين لا يعلم حقيقة الخلفيات الكامنة وراء عرقلة تطبيق خطة النفايات.
وإذا كان التعويل على الحوار لفكّ لغز العرقلة لم يحقّق النتائج المرجوّة على رغم نجاحه الجزئي في الاتفاق على مواصفات رئيس للجمهورية ، فإنّ الأمل في أن يتحرّك الجسم التشريعي في خطوة تعويضية ولو جزئية عن تعطّل أو جمود الجسم التنفيذي وتحديداً الحكومي الذي يختنق بالنفايات ودخل مرحلة الاحتضار.
وفي ظلّ الواقع المرير والوضع المخزي المستمرّ، خرج المتحاورون من جلسة الحوار بخفّي حنين، فلا حلّوا أزمة الرئاسة المستمرّة، على رغم اتفاقهم على بعض مواصفات الرئيس العتيد، ولا اتّفقوا على حلّ لأزمة النفايات التي ستتوالى فصولها وأضرارها مع تساقط الأمطار مجدّداً، وبالتالي رحَّل رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الى الثلاثاء 3 نوفمبر المقبل.