كيف يُنزَع السّلاح؟
محمد المفتي
وقف إطلاق النار والهدنة ستحتاج لوقت لكي تستقر. على المدى الأبعد يتطلع الناس لنزع السلاح وهو الهدف الأساسي المعلن لدخول اللواء السابع إلى طرابلس.
نزع السلاح من أيدي المليشيات كهدف لا خلاف عليه. المهم هو كيف يمكن أن يتم ذلك. وهو ما لم يناقش بوضوح حتى الآن، مثلا سفيرنا بالأمم المتحدة، طالب بنزع السلاح وفرض عقوبات على المتورطين، بينما طالب تحالف القوى الوطنية بجدول زمني يحدد كيف ومتى يتم نزع سلاح المليشيات وإخلاء العاصمة تمامًا من كل التشكيلات أيًا كان مصدرها أو هويتها.
مثل هذه الصياغات تبدو منطقية ولكنها تعكس رؤية إدارية تعتقد أن ما يكتب سينفذ، ولذا فهي غير عملية.
الدعوة لنزع السلاح إذن ليست أكثر من أمْنية، أما كيف يتم ذلك فتلك هي المعضلة الحقيقية. والحياة والدولة في ليبيا وخاصة العاصمة ستبقى معطلة لأمد طويل مادام السلاح منتشرا. وكل ما عدا هذا وهم،
السؤال الذي يجب أن نناقشه بصراحة إذن هو كيف ينزع السلاح؟
طيلة السنوات الماضية تجاهلت هيئات المصالحة لدينا أو فشلت في سحب مبدأ المصالحة على التشكيلات المسلحة.
وللأسف تجارب الأمم من كولومبيا إلى الهند تقول إن نزع سلاح المليشيات لا يتحقق إلا بمعارك شرسة في الشوارع والأدغال، معارك تترك وراءها قتلى وجرحى ودمارا هائلا كما نرى في العراق وسوريا واليمن .. أو بخسائر أقل كما في بنغازي ودرنة.
وفي كل الحالات حروب الشوارع يرافقها تدمير البنية التحتية وتدهور الخدمات، وشتى أنواع المعاناة ونزوح السكان وتمزق النسيج الاجتماعي والتقهقر الحضاري.
البديل أو المكمل للحرب هو التفاوض وتقديم التنازلات كما حدث في ايرلندا الشمالية (1997 إلى 2007) ويقول السياسي البريطاني جوناثون باول الذي أدار المفاوضات مع جيش التحرير الايرلندي أن الدرس المستفاد من تلك التجربة هو أن عليك أن تتحدث إلى عدوّك إذا أردت أن تصنع سلاما راسخا… وطبعا التفاوض لا يجرى في فراغ بل مكملا لاستعادة الجيش والشرطة دورهما الأساسي في حماية المجتمع من التخريب والفساد.
ثم إن التجربة الليبية للأسف لم تقتصرعلى الصراع السياسي العنيف بل زرعت أحقادًا وثارات عميقة.
فهل ستعيد لنا الأزمة الحالية جميعا شيئا من العقل؟
وهل سينجح سلامة في إقناع الجميع للجلوس حول طاولة مفاوضات نهائية؟
وماذا في جعبة اللواء السابع يا ترى؟ وهل سينجح في إخلاء العاصمة بأقل الخسائر؟
محمد محمد المفتي 9 سبتمبر 2018