خاص 218مقالات مختارة

كيف يفند الليبيون كلام الرئيس قيس سعيد؟!

الحسين المسوري

حالة من الغضب والانزعاج والاستنكار غمرت الصفحات الليبية بمواقع التواصل الاجتماعي عقب تصريح الرئيس التونسي، قيس سعيد، حول الأزمة الليبية التي رأى أن الحل يكمن في ((تنظيم دستور موقت في ليبيا على غرار الدستور الذي جرى وضعه في أفغانستان سنة 2002 من قبل زعماء القبائل)).

استنفر الكثير أقلامهم للرد على الرئيس التونسي قيس سعيد ولكن للأسف أغلب هذه الردود جاءت شوفينية وعبارة عن مزايدات وانكار للواقع الذي تعيشه بلادنا والطريقة التي نتعامل بها مع الاستحقاقات الوطنية الهامة والقضايا العامة.

يجب أن نعرف أن الرئيس قيس سعيد هو أولا أكاديمي وخبير دستوري قبل أن يكون رئيسا والرجل لم يأت بجديد ماقام به هو أنه أرجع لنا صورتنا التي نوزعها على العالم بتصرفاتنا على الأرض في الاستحقاقات الوطنية فنحن من نقول للعالم ولكل الوسطاء (لازم من المحاصصة لأننا مجتمع قبلي)، ونحن من اقصينا نخبتنا المدنية السياسية والثقافية في بنغازي وطرابلس وسبها من المشهد السياسي بقوة السلاح وبالتهديد والوعيد والتهجير والاغتيال الجسدي والمعنوي واستبدلناهم بالجهويين والقبليين.

الحقيقة التي لانريد أن نعترف بها هي أننا نحن من يستخدم القبيلة سياسيا عندما نخسر الانتخابات أو منصبا وزاريا أو سياديا فنستنجد بقبائلنا وجهويتنا ونعلن أن القبيلة والمنطقة هي المستهدف بالتهميش من إبعاد هذا المسؤول عن هذا المنصب، نحن من رفضنا مشاركة الأحزاب في انتخابات البرلمان وإلى اليوم نرفض أن يكون فيه أحزاب وكيانات سياسية تجمع الليبيين من مختلف المناطق والمدن على الأفكار والبرامج.

وهنا يجب أن نذكر بأن الرئيس قيس سعيد زاره وفد ماسمي بـ(ممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية) في ديسمبر 2019 ليبحث معه الأزمة الليبية ولم يعترض أو يستنكر أي سياسي أو مثقف ليبي هذا اللقاء، كما أن الرئيس قيس سعيد يرى نشرات الأخبار الليبية وفيها كيف يستقبل السراج وعقيلة والمشري الوفود القبلية الليبية ويبحث معها الوضع السياسي، قيس سعيد يرى ويسمع صوت وصورة البيانات السياسية لمجالس القبائل والحكماء والأعيان الليبيين التي تنشرها المواقع الصحفية الليبية الإلكترونية والمحطات الفضائية، الرئيس قيس سعيد يعرف أن المنفذ الحدودي لبلاده مع ليبيا يتفاوض على فتحه واغلاقه مع مجموعة جهوية وليس مع الدولة الليبية!!!.

ببساطة الرئيس قيس سعيد كخبير دستوري يقول إن المشكلة الليبية تكمن في أن الإعلان (الدستوري الليبي واتفاق الصخيرات) وضعه خبراء ونخبة سياسية وعند تطبيقه على الأرض فشل لأن الليبيين لا يحتكمون له ويعودون للقتال ويحتكمون للسلاح لأنهم مجتمع قبلي ولن يقبلوا بحلول لاتراعي طريقة تفكريهم القبلية والجهوية والدستور أولا وأخيرًا هو (عقد اجتماعي).

أعتقد أن الرد العملي على مقترح الرئيس قيس سعيد ويفند الصورة التي تحدث بها عنا بدل المزايدات الجوفاء هو اقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية والذي يفوز يشكل حكومة كفاءات يختارهم الرئيس المنتخب بدون ما يفرض عليه وزراء من قبيلة الزنتان أو مصراتة أو القبائل الشريفة ونقول ((أصلا نحنا مجتمع قبلي ولازم يراعي المصاريت والزنتان والقبائل الشريفة))!!! والخاسر يعارض سلميا ولا يمتشق السلاح ويكرر لنا عملية ((فجر ليبيا)) غير ذلك كلام قيس سعيد واقع ولا يمكن تغطية عين الشمس بالغربال.

فتغيير الصورة السلبية التي يرانا بها الآخرون، يكون بالعمل الإيجابي والالتزام بالإعلان الدستوري والقانون ونتائج الانتخابات ونبذ المحاصصة والتمسك باختيارالأكفأ لشغل مناصب الدولة وتطبيق الرقابة والمحاسبة وفق القانون، وليس بالخطب الرنانة والمزايدات الفارغة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى