كيف يحضر الوباء في الأدب؟
خلود الفلاح| 218
ازداد الإقبال والاهتمام بالكتب والأفلام التي تتناول الأوبئة في الفترة الأخيرة بعد انتشار فيروس كورونا. وهنا نسأل، هل نسبة القراءة تزداد في أزمنة الوباء حيث إن البشر بطبيعتهم يتجهون إلى القراءة محاولة منهم لكسر عزلة فترات الحجر الصحي؟ ولماذا تم توظيف الأوبئة والفيروسات في النص السردي؟ وهل الرواية تحتمل تفاصيل متشعبة؟
وهنا نقدم بعض الأعمال الأدبية التي كان الوباء موضوعا لها:
نشر الروائي الفرنسي ألبير كامو روايته “الطاعون” العام 1947، وكانت مدينة وهران الجزائرية مسرحًا لأحداث رواية خيالية تتحدث عن تفشي مرض الطاعون في الجزائر، فترة الحكم الاستعماري الفرنسي.
تطرح الرواية أسئلة فلسفية، وعبثية، حول ماهية القدر والوضع البشري الهش، من خلال الطبيب بيرنار ريو، أول من استخدم كلمة طاعون في الرواية لوصف الوباء.
وهران؛ لم تعرف الطاعون في أواخر أربعينيات القرن الماضي، عرفت وباء الكوليرا قبل ذلك التاريخ بمائة عام، بحسب الإجماع النقدي، ولا علاقة له بالجزائر، بل بفرنسا التي كانت قد اجتاحتها القوات النازية من دون مقاومة وغمرها شعورٌ عميقٌ بالخزي.
ومع اتساع رقعة الخطر من فيروس “كورونا”، قارن كثير من النقاد بين ما يجري حاليا وما سجله ألبير كامو في روايته “الطاعون” التي نشرت بعد الحرب العالمية الثانية.
وأشارت صحيفة “لاربيبليكا” الإيطالية، إلى أن رواية “الطاعون” صعدت من المركز الـ”71″ على بوابة المبيعات عبر الإنترنت في إيطاليا إلى المركز الثالث.
وفي الوقت ذاته؛ سارعت دار بنجوين البريطانية إلى إعادة طبع رواية “الطاعون”، بعد مرور 73 عامًا على صدورها. بعد تهافت القراء في مختلف أنحاء العالم على شرائها، في محاولة لفهم تفشي “كوفيد-19”.
في العام 1957؛ حصل ألبير كامو على جائزة نوبل للآداب، وتوفي في 4 يناير 1960.
وفي أجواء تراجيدية بين الكونغو وجنوب السودان تدور أحداث رواية “إيبولا76” للروائي السوداني أمير تاج السر.
تذهب بنا الرواية الصادرة عن دار الساقي ( 2012)، إلى العام 1976، يوم ظهور وباء إيبولا في كينشاسا عاصمة الكونغو، وكيف كانت زيارة لويس نوا، إلى الكونغو، سببا في نقل الوباء إلى مدينته أنزارا، في جنوب السودان، بعد علاقة عاطفية بالفتاة الكونغولية كانيني، التي كانت مصابة بالوباء.
لويس نوا الذي أصبح مثل جسر عبّر، من خلاله إيبولا، نحو بلاد أخرى وتسبّب في موت زوجته، تينا أزاقوري.
على وقع طفولة بائسة؛ عاش الشاب لويس نوا الذي كان يعمل في مصنع للنسيج، ويقرر الزواج بأول فتاة يراها تبتسم، هي “تينا” بائعة الماء في الشوارع.
تكشف الرواية عن البؤس المجتمعي المتمثل في الفقر والجهل والعادات القبلية والتخلف.
ويقول الروائي أمير تاج السر إن من يقر “إيبولا 76″؛ يمتلك المعرفة بطريقة أدبية، سيعرف كل شيء عن المرض، من طرق انتشاره إلى طرق الوقاية منه، وهكذا هي من روايات المعرفة.
رواية “العمى” للبرتغالي جوزيه ساراماغو (1922 – 2010)، هي أيضًا من الأعمال المعروفة التي تدور أحداثها حول وباء غامض يصيب إحدى المدن المتخيلة فيصاب أهلها بالعمى.
ووفقًا للنقاد فإن المغزى من أفكار ساراماغو ليست عمى أبصار الناس وإنما عمى وعيهم وبصيرتهم الذي يجعل أخلاقهم ومبادئهم دائما تحت تسلط نزعتهم الشريرة.
تتحدث الرواية الصادرة العام 1995، عن تفشي وباء مجهول الأصل، إذ يبدأ الناس في الإصابة بالعمى فجأة واحداً تلو الآخر، كما أن عماهم ليس عاديًا، إنه عمى أبيض.
مع بداية هذا المرض وعجز الطب عن إيجاد الحل والعلاج تبدأ الحكومة باتخاذ إجراءات لمنع تفشيه فتعزل جميع المصابين في مشفى للمجانين. حيث لا خادم لهم إلا أنفسهم.
يعرض لنا الكاتب الكثير من الرمزيات والإسقاطات أثناء روايته؛ فطوال فترة الرواية لا يذكر اسم أحد من الشخصيات أبداً، بل يعرف كلاً منهم حسب صفته، طبيب العيون، زوجة الطبيب.
في العام 1998؛ حصل ساراماغو على جائزة نوبل للأدب.
وتتحدث رواية “أحلام القيامة” للروائي محمد جمال عن انتشار وباء متحور من الإنفلونزا في دول العالم، وتحديدًا في ايطاليا، وأيضًا عن الذعر والموت الذي ساد في كل مكان.
الرواية الصادرة العام 2018، أشارت إلى العقار الذي تقوم بتطويره شركات الأدوية الضخمة وتتحكم فيه لتقوم بتحقيق أرباح خيالية.
تبدأ الرواية باكتشاف 35 جثة مدفونة في ملعب جولف بمدينة الجونة وأن مصر في الرواية عاشت فترة مرعبة يصاب فيها الناس بمرض غريب متحور عن الإنفلونزا.
وكيف أن بطل الرواية رجل الأعمال نبيل المصري ذهب في رحلة مثيرة بين مصر وايطاليا والهند من أجل مواجهة المرض، الذي أصاب صديقه.
وتصل بنا الرواية إلى مرحلة التفشي الوبائي، كما تطرقت الرواية إلى ارتداء الكمامات، وانتشار علامات المرض، والرعب العالمي، وتفشي الوباء في إيطاليا ودخول العدوى إلى مصر عن طريق حركة الطيران، ونقل العدوى بين المسافرين في المطار.