هكذا تدفع ليبيا ثمن خلافات الدول الكبرى
رأى، ريتشارد جوان، الخبير في شؤون الأمم المتحدة، من المركز البحثي “مجموعة الأزمات الدولية”، أن التوترات بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي بدأت بالتصاعد بعد سلسلة من الجلسات حول الشرق الأوسط، ومع المزيد من الخلافات في الأفق، يجب على الخمسة عقد قمة سبتمبر كما اقترحت فرنسا وروسيا لاحتواء خلافاتهم.
وقال جوان في تحليل نشره المركز، إن أخطر النزاعات بين هذه الدول تركز على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وخلال الشهرين الأخيرين اختلفت مراراً وتكراراً حول المساعدات الإنسانية لسوريا، وقتل الولايات المتحدة للجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق، والحرب في ليبيا.
وأضاف أن الوضع في ليبيا كان مصدرا دائما للتوترات في مجلس الأمن منذ عام 2011، وبرزت المشاحنات بين الدول الخمس في يناير، بالوقت الذي عقدت فيه ألمانيا مؤتمر برلين الناجح ظاهريًا في منتصف الشهر المنصرم، بمشاركة الدول الخمس بمن فيهم الرئيسان ماكرون وبوتين، وتم التأكيد على احترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة ودعم وقف إطلاق النار- لكن مناقشات الأمم المتحدة حول كيفية متابعة المؤتمر خرج عن مساره بسرعة.
وذكر جوان أن ألمانيا دعت مجلس الأمن إلى إصدار قرار يصادق على استنتاجات مؤتمر برلين، لكن الدول الدائمة العضوية المتبقية طلبت نصًا أكثر تركيزًا على الوضع على الأرض، فالولايات المتحدة على وجه التحديد تريد قرارا يدين المتعاقدين العسكريين الروس من القطاع الخاص الذين يعملون في ليبيا، فيما ترفض موسكو قبول هذه الصياغة.
ولفت إلى أن المجلس يتجه نحو نوع من النص التوافقي (بلغة غامضة فقط بشأن مسألة العسكريين الروس)، على الرغم من أن روسيا قد تساءلت عما إذا كان يجب على المجلس أن يقر نتائج برلين على الإطلاق ما لم يكن القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر يؤيدها. ونظرًا لاستمرار القوى الخارجية في خرق حظر الأسلحة، ويعتقد بعض المراقبين أنه من المحتمل تصعيد القتال الجديد، فمن الصعب ألا نستنتج أن مجلس الأمن قد ضيع فرصة الاستفادة القصوى من اجتماع برلين من خلال تقديم دعم سريع وحازم لوقف إطلاق النار.
وفي نهاية التحليل، أكد جوان أنه وعلى الرغم من كل خلافات الدول الخمس، فإن لديها مصلحة ثابتة في الدفاع عن سلطة المجلس بحل الأزمات ذات الاهتمام المشترك، وربما أكثر من موقفهم المميز في توجيه عملية صنع القرار. وقد يكون من الجيد على الأقل لقادة هذه الدول الاجتماع وإعلان التزامهم المستمر بالتعاون، وإذا لم تقدم نوعًا من الإشارة إلى أنها تأخذ على محمل الجد مسؤوليتها عن العمل من خلال الأمم المتحدة، فستنظر الدول الأخرى بشكل أقل إلى المجلس الذي ستتراجع قدرته على صياغة ردود جماعية بشأن تحديات السلام والأمن.