كيف تحمي ليبيا نفسها من أزمة الغذاء العالمية؟
أثار التقرير الذي نشره المجلس الحكومي الدولي لشؤون تغيير المناخ (IPCC) حول التغير الذي يحدث في مناخ الأرض حفيظة العالم.
وتوقع التقرير المؤلف من 1400 صفحة وقوع العالم في أزمة غذاء عالمية بسبب التأثير الذي سيتركه تغير المناخ على النظام الغذائي العالمي.
وتحدث التقرير عن ذوبان ثلوج الهملايا بشكل سريع، الأمر الذي يهدد حياة 800 مليون نسمة في قارة آسيا، حيث يعتمد هؤلاء الناس على مياه الثلوج كمصدر أساسي لمياه الشرب.
كما تناول ظاهرة التصحر التي ستضرب منطقة الشرق الأوسط، وستجعل عددا كبيرا من الأراضي الزراعية في سوريا والعراق غير صالحة للزراعة.
بالإضافة إلى ذلك فقد تحدث التقرير عن تقلص إنتاج الحبوب عالميا بمقدار 10% بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مع توقعات بتقلص إنتاج الحبوب بنسبة 40 % في نهاية القرن الحالي.
فكيف ستحمي ليبيا نفسها من أزمة الغذاء العالمية، وهل تمتلك الموارد الكافية لتحقق الاكتفاء الذاتي؟
ما هي الثروات الطبيعية التي تملكها ليبيا؟
تمتد ليبيا على مساحة 1.8 مليون كيلومتر مربع، وساهمت هذه المساحة الشاسعة بتنوع الثروات الطبيعية في البلاد، فليبيا غنية بالثروات الباطنية، والثروات الزراعية، الأمر الذي يجب أن يساعد البلاد على حماية نفسها من تبعات أزمة الغذاء العالمية.
ولكن وفي ظل الواقع الحالي فإن ليبيا لم تستفد من ثرواتها الطبيعية، ولم تقم باستغلالها بالشكل الأمثل، فهي تستورد حاليا عددا من السلع كالقمح، في حين أنها تمتلك إمكانيات لتغطي الحاجة المحلية من هذه المادة.
لذلك يجب أن تتكاتف الجهود من أجل استثمار الموارد الطبيعية التي تنعم البلاد فيها، لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتمتلك ليبيا مجموعة كبيرة من الثروات الطبيعية ومن أبرزها:
1- الثروات الزراعية: تحتوي ليبيا على مساحات زراعية واسعة تتيح زراعة أصناف زراعية استراتيجية، حيث يمكن زراعة القمح والشعير على مساحة 40 ألف هكتار، وتكفي هذه المساحة لتغطية إنتاج ليبيا المحلي من القمح والشعير.
ولكن الواقع الحالي غير مبشر، حيث تشير الأرقام الواردة إلى أن ليبيا تنتج سنويا 200 ألف طن سنويا من القمح والشعير ما يعادل حوالي 20% من نسبة استهلاكها، في حين أن المساحات الموجودة قادرة على تغطية الحاجة المحلية.
كما أن إنتاج النخيل في ليبيا أخذ بالتراجع في الفترة الأخيرة بسبب نقص الموارد وبعض الآفات التي ضربت مزارع النخيل، وتنتج ليبيا حوالي 350 ألف طن من النخيل، وتعد هذه الكميات كافية لتغطية السوق المحلية، وتصدير الفائض، ولكن تراجع الإنتاج قد يهدد وجود ليبيا في قائمة الدول الأكثر إنتاجا للنخيل.
وتعددت الأسباب التي ساهمت في ضعف الإنتاج الزراعي كنقص المياه، وسرقة المشاريع الزراعية خلال الحرب، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء المتكرر.
2- الثروات الحيوانية البرية: تمتلك ليبيا ثروة حيوانية برية جيدة ومتنوعة قادرة على تغطية السوق المحلية، حيث تملك ليبيا حوالي 6 ملايين رأس من الحيوانات معظمها من الأغنام، ويعاني مربو الحيوانات في ليبيا من عدد من المشاكل التي ساهمت في تراجع الإنتاج الحيواني.
ومن أبرز المشكلات التي يعاني منها مربو الحيوانات نقص العلف، عدم توافر الأدوية، الجفاف وعدم توافر المياه والمراعي، بالإضافة إلى إصابة القطعان بعدد من الأمراض، كما ساهمت السرقات وتهريب الثروة الحيوانية إلى الخارج في التأثير على مردودها.
3- الثروات الحيوانية البحرية: يعد ساحل ليبيا الممتد على مساحة 1900 كم من السواحل الغنية بالأسماك، حيث يعيش على طول الساحل حوالي 450 نوع من السمك، ولكن الثروة البحرية تأثرت بالحرب الدائرة في ليبيا، والعقوبات المفروضة عليها من قبل الاتحاد الأوربي، والتي تحظر على ليبيا تصدير السمك.
وتكفي الثروة السمكية الموجودة في الساحل الليبي البلاد، كما أنها توفر هامشا جيدا للتصدير في حال تم استثمارها بالشكل الأمثل.
وتصدر ليبيا حاليا الأسماك عن طريق مصر وتونس، الأمر الذي أدى إلى تراجع قيمة صادرات الأسماك من 250 مليون دولار عام 2011 إلى 75 مليون دولار حاليا.
وتتعرض الثروة السمكية الليبية حاليا للسرقة، حيث سمح الاتحاد الأوربي للصيادين بالدخول جزئيا في المياه الإقليمية الليبية، واصطياد الأسماك منها، مما يهدد التنوع الموجود في المياه الليبية.
4- الثروات الباطنية: يعد النفط المصدر الأساسي للدولة الليبية، حيث يضخ القطاع النفطي 98% من حجم تمويل الخزانة، ولكن ليبيا تمتلك إلى جانب النفط ثروات باطنية عديدة غير مستغلة، وباستغلالها يمكن لها تحقيق الاكتفاء الذاتي.
حيث يصل احتياطي الحديد في ليبيا إلى 5 ملايين طن، الأمر الذي سيجعل ليبيا من الدول الرائدة في بيع الحديد في حال تم استثماره، وتبلغ قيمة احتياطي الحديد الليبي حوالي 250 مليون دولار أمريكي.
وبدأت الحكومة الليبية في الفترة الأخيرة استثمار هذه الثروة، واستخراجها، وتصديرها، حيث نجحت خلال العام الحالي بتصدير آلاف الأطنان من الحديد إلى مصر والجزائر.
ومن خلال ما سبق نرى امتلاك ليبيا لمجموعة كبيرة من الثروات، والتي ستساعدها بالتأكيد على حماية نفسها من أزمة الغذاء العالمية، شرط أن يتم استثمار هذه الثروات بالشكل الأمثل، ومكافحة الهدر الحاصل بها، وإيقاف السرقات التي تستزف هذه الثروات، وتؤدي إلى تراجع إنتاجها.