مقالات مختارة

كيف بدأت الحكاية في الرياض؟

مشاري الذايدي

أعاد قتل المطلوبين الإرهابيين، طايع الصيعري، وطلال الصاعدي، في العاصمة الرياض قبل أيام، الضوء لقصة الكفاح السعودي ضد جماعات الإرهاب المتأسلم.
طايع، هو معدّ الأحزمة المفخخة، وهو طالب سابق مبتعث، ترك مقاعد الدارسة والتحق، مع شقيقه (مطيع) بـ«داعش»، كما كان حال طلال بن سمران الصاعدي، فهو الآخر شقيق (فهد) وفهد هذا كان هو فاتحة المواجهة السعودية الكاسحة مع جماعات «القاعدة»، ونسلها الداعشي الحديث.
في التفاصيل: إن التدشين الرسمي للحرب السعودية ضد الإرهاب، قبل 14 سنة، كان في مارس (آذار) 2003، بعد اكتشاف الأمن السعودي لمنزل خطير لـ«القاعدة»، كان عبارة عن «ثكنة» للتدريب والتخزين، كان ذلك المنزل في حي الجزيرة بالرياض، وقع فيه انفجار ضخم تسبب بمقتل القاعدي فهد بن سمران الصاعدي (29 عامًا) شقيق طلال، الذي قتل مؤخرًا مع طايع الصاعدي.
انفجار حي الجزيرة بالرياض، فتح مغارة الشر القاعدي، وكشف لكل مشكك، عمق التخطيط والتحضير الذي كان تنظيم القاعدة قد وصل إليه، في خلق حركة إرهابية شاملة على مستوى البلاد.
كرّت السبحة بعدها في سباق بين الأمن السعودي، ومعه المجتمع المصدوم مما جرى، مع خلايا «القاعدة» الإرهابية، المكوّنة في غالبها من شباب سعوديين «صحويين» معهم عناصر قيادية خطرة من اليمن والعراق والكويت والمغرب ومصر، وغير ذلك.
مايو (أيار) 2003، وفي خطوة جديدة على التعامل الرسمي مع العصابات الإرهابية، كاشفت السلطات السعودية المجتمع، بـ«أول» قائمة مطلوبين للعدالة، وهي قائمة الـ19 الشهيرة، ضمت أسماء خطيرة مثل المؤسس الأول لـ«القاعدة»، يوسف العييري، وخليفته عبد العزيز المقرن، وصالح العوفي، واليمني الأخطر، خالد حاج، وغيرهم. لم تمض فترة وجيزة على الإعلان (5 أيام)، حتى قامت مجموعة إرهابية، ضمنهم 5 من المعلن عنهم بالقائمة الأولى باقتحام 3 مجمعات سكنية في الرياض، بسيارات مفخخة، عرفت لاحقًا بهجمات الحمراء وغرناطة، شرق الرياض، مايو 2004.
جرت قصص كثيرة، وتحولات خطيرة بعدها، حتى مقتل طلال وطايع، مؤخرًا، في حي الياسمين بالرياض.
كتب الكثير، وقيل الأكثر، في الإعلام، والمواعظ الدينية، والتنظيرات التربوية، من حينها، لكن حبل الفكر الإرهابي لم ينقطع، بل تشعّب عالميًا.
أظن أنه حان الوقت لإنشاء مراكز دارسات «حقيقية» لاستبطان هذه المشكلة، كما هي، لا كما يتوهم بعض الوعاظ، وملاحقة تجلياتها الفكرية والإعلامية والاجتماعية.
مراكز دراسات تأخذ الأمر على محمل الجد، وتكدّ كدّا بحثيًا صبورًا، فبداية الشفاء، هو الفهم الدقيق للداء.
ثمة كلام كثير يقال هنا، للحديث صلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى