كيف اختلف السرد في الرواية النسوية العربية؟.. أحلام مستغانمي نموذجًا
وصلت النساء إلى فن الرواية متأخرًا، فهن لم يبدأن فيه كما بدأ الرجال في الوطن العربي، وحتى وقت قريب كانت المكتبة العربية تفتقد للقلم الأنثوي، إلا من بعض التجارب البسيطة، فالرواية كَفنٍّ أدبي حديث منذ بداية القرن العشرين كانت فنّا ذكوريّاً بحت، لكن بمجرد دخول الأنثى إليه تحول واكتسب لغة خاصة وقضايا أخرى أكثر خصوصية.
لغة الأنثى في الأدب
اللغة الأنثوية في الأدب العربي مختلفة عن لغة الرجل المليئة بالوصف، وغير المزخرفة، وهذا ما يتجلى بوضوح في كتابات مؤلفات عربيات أبرزهن الروائية الجزائرية “أحلام مستغانمي”، وبرز ذلك بشكل خاص في روايتها “الأسود يليق بك” والتي كانت مليئة بوصف العواطف التي كانت تنساب بين سطور الرواية كنهر متدفق، كَسر سدّاً وقف أمامه لسنوات طويلة، فكأنما جاءت الرواية العربية لتفتح المجال واسعاً للأنثى لتعبر عن خواطرها بطريقة نثرية لا تُحدُّ بوزن ولا قافية.
قضايا الأنثى
أعادتنا قضايا الأنثى إلى روايات الأربعينيات والخمسينيات ذات الطابع الرومانسي، فهي تناسب طبيعة المرأة، ولن نرى في الأدب الأنثوي حديثًا كثيرًا عن الموت أو الحرب، ولكننا قد نرى حديثًا طويلاً عن الحب والخيانة والجروح العاطفية الأليمة، وإذا طبقنا الأمر على روايات “مستغانمي”، فسنجد ذلك رغم الإطار البنيوي القوي لرواية مثل “ذاكرة الجسد”، التي تروي لنا قصة النضال في الجزائر ضد المستعمرين، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل عن جانب قصة الحب التي تعتبر هي الحبكة الرئيسة في الرواية مهما حاولنا أن نهرب من هذه الفكرة.
مآخذ على كتابات الأنثى في الرواية العربية
ما يمكن أن يؤخذ على الأنثى في الكتابة، يتلخص في ما يمكن أن نسميه “شخصنة المأساة”، فالكتابات الذكورية تجسد الذكر والأنثى في سطر واحد، ولكن الكتابة الأنثوية لا تستطيع أن تفعل ذلك، فقلم المرأة لا يستهدف إلا المرأة، وكثيرًا ما يبحث قضاياها الخاصة المتعلقة بعواطفها وجسدها، وما تتعرض له من تحديات في المجتمع، ونرى ذلك في روايات عديدة لأحلام مستغانمي التي نلحظ فيها دائمًا خطًا يعبر عن رفضها للقيود ومعاداتها للطاغية الذكورية.
أحلام مستغانمي، هي روائية جزائرية ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، حيث ولد أبوها محمد الشريف الذي شارك في الثورة الجزائرية،ّ وعرف السجون الفرنسية، بسبب مشاركته في مظاهرات 8 مايو 1945، وعملت في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة، ثم انتقلت إلى فرنسا في سبعينيات القرن الماضي، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينيات نالت شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون، وتقطن حاليا في بيروت، وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد، ولها عدد كبير من الروايات أهمها “فوضى الحواس” و”الأسود يليق بك”، وديوان شعر “عليك اللهفة”.