كيف أعادت روسيا الاهتمام الأميركي بليبيا؟
أعاد الدعم الروسي لقوات الجيش الوطني واشنطن إلى واجهة الأحداث في ليبيا، وذلك لمخاوفها من النوايا الروسية لتحويل ليبيا إلى “سوريا جديدة” عبر الانتشار العسكري طويل المدى، إضافة إلى مسارات تشير لتعاظم الصدام بين روسيا وتركيا على الأراضي الليبية.
وقلبت التدخلات الروسية المشهد الدولي بسرعة كبيرة ما جعل واشنطن وأمين عام الناتو يصدران تصريحات متتالية تؤكد دعم حكومة الوفاق، وذلك عقب أنباء عن إرسال موسكو 8 طائرات حربية للجيش الوطني، والتي أشار لها وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا في حينها، والتي دعمتها صحف غربية لتبدأ لجان رسمية في الأمم المتحدة بعد ذلك بالتحقيق في دقتها.
وكشفت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا عن رصدها لإرسال طائرات حربية روسية إلى ليبيا لدعم المقاتلين في صفوف الجيش الوطني، مشيرة إلى أن القيادة “تقيِّم الخطوة التي اتخذتها موسكو لدعم المرتزقة التابعين لشركة خاصة ممولة من الحكومة الروسية والموجودين هناك”، في إشارة إلى مرتزقة فاغنر.
وذهبت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا إلى أن “إرسال تلك المقاتلات بهدف تقديم الدعم الجوي للهجمات البرية التي يشنها مرتزقة فاغنر الموجودون لمساعدة الجيش الوطني الليبي في نزاعه العسكري مع القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني”، كاشفة أن المقاتلات الروسية انطلقت من قاعدة جوية في روسيا مروراً بسوريا، ليعاد طلاؤها لإخفاء هويتها الروسية، مرفقة صوراً للمقاتلات الروسية المرصودة في السماء الليبية مع البيان.
وقال قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا ستيفن تاونسند، إن “روسيا تحاول قلب الموازين العسكرية في ليبيا لصالحها.. وكما فعل الروس في سوريا، فإنهم يحاولون مد نفوذهم العسكري في إفريقيا، معتمدين في ذلك على شركة فاغنر للمرتزقة، التي على الرغم من كونها شركة خاصة، فإن الحكومة هي من تمولها”. مضيفا أن روسيا دأبت لفترة طويلة على إنكار ضلوعها في الصراع الليبي الراهن، ولكنهم وبعد هذه الدلائل لا يستطيعون الإنكار مؤكدا رصد مقاتلات الجيل الرابع في الأجواء الليبية، ومشيرا إلى أن الجيش الوطني الليبي والشركات العسكرية الخاصة المتعاقَد معها يستطيعون إطلاق تلك الطائرات أو صيانتها والإبقاء عليها عاملة، دون دعم دولة بعينها هي روسيا.
من جهته حذر قائد سلاح الجو الأمريكي في إفريقيا وأوروبا، الجنرال جيف هاريجيان، من أن نجاح روسيا في الوجود عسكرياً على الساحل الليبي، سيكون بداية لنشر معدات عسكرية ذات قدرات كبيرة لوقت طويل في المنطقة، ما يُعد تهديدا كبيرا للأمن القومي لجنوب أوروبا.
وأدت الخطوة الروسية الأخيرة بإرسال مقاتلات حربية لليبيا إلى كسر صمت الحلف الذي أعلن أمينه العام بوضوح استعداده لتقديم الدعم الكامل لحكومة الوفاق، بعد أن ضغطت تركيا على واشنطن ودول الناتو من أجل اتخاذ موقف أكثر وضوحاً ضد المشير حفتر والدعم الروسي المقدم له.
وتمكنت حكومة الوفاق وبفعل الدعم العسكري التركي من إلحاق سلسلة هزائم في صفوف الجيش الوطني بعد نجاح الطائرات التركية المسيرة في تدمير أكثر من 10 من منظومات بانتسير دفاعية روسية زود بها الجيش الوطني، كما وقع عدد من القتلى بين صفوف مجندي فاغنر الروسية في تطور عسكري استفز موسكو ودفعها على ما يبدو لتقديم دعم نوعي للجيش الوطني، لتهدد الأخيرة عقب هذه الخطوة بشن حملة جوية أوسع ضد الأهداف التركية في ليبيا، لترد عليه أنقرة بالتهديد باعتبار قوات الجيش هدفاً مباشراً للقوات التركية، محذرة موسكو بشكل غير مباشر من عواقب تسليم هذه الطائرات للجيش الوطني، في تطورات زادت من مخاطر الصدام العسكري بين البلدين.