كنّه “علي كنه”؟
وليد بن لامة
منذ صدور قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق القرار رقم 15 لسنة 2019 القاضي بتعيين الفريق علي كنّه آمرا لمنطقة سبها العسكرية، والتساؤلات تُطرح حول هذه الشخصية العسكرية، والذي تزامن قرار تعيينه آنذاك مع سيطرة وحدات من الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على حقل الشرارة النفطي ومدينة أوباري في إطار العملية العسكرية المستمرة لتحرير الجنوب.
“علي كنه” المنتمي لقبائل الطوارق، تخرج عام 1969 من الكلية العسكرية، وكان من الضباط المشاركين في انقلاب سبتمبر سنة 1969 الذي أطاح بالنظام الملكي في ليبيا، واعتُبر من الشخصيات العسكرية المقربة من العقيد معمر القذافي، وأحد ركائزه العسكرية في الجنوب لتوليه عدة مناصب أهمها آمر لواء المغاوير إحدى الكتائب العسكرية إبان النظام السابق، وكذلك إمرة منطقة أوباري الدفاعية الحدودية .. مناصب عدة وحساسة في سجله المهنيّ، ما يطرح تساؤلا كيف لهذه الشخصية العسكرية التي لم تعلن انشقاقها عن نظام العقيد، ولم تؤكد ولاءها لفبراير أن تكون أحد الأذرع العسكرية للمجلس الرئاسي وأعضائه المُفترض أنهم ممثلين لفبراير، وأن يوافق على قرار تعيينه كآمرٍ لمنطقة سبها، وأن يكون خصماً لقوات الجيش الوطني، فيجرّ أبناء عمومته من قبائل الطوارق إلى حرب يصطدمون فيها مع القوات المسلحة.
يتحدث كنة في إحدى الحوارات التلفزيونية بأن القوات المسلحة الموجودة في الشرق تعمل بشكل جيد وحثيث على إنشاء وحدات عسكرية منظمة، ويناقض نفسه هنا، فتارة ما يثني على عمل الجيش الوطني الليبي، وتارة ما يشن هجمات عسكرية عليه. خاصة بعد إطلاق الجيش الوطني في يناير الماضي، “عملية تحرير الجنوب” التي استطاع من خلالها استعادة السيطرة على حقل الشرارة وأخرى مناطق مهمة، فضرب العديد من العصابات التي كانت تعيث فسادا في الجنوب الليبي، وبالأخص في عاصمته سبها.. ويبدو أن هذا التحرك القوي والمنظم للجيش الوطني أربك حسابات كنه ومن معه، فحاول عديد المرات ضرب قوات الجيش في أي فرصة تحين له، آخرها سيطرة قوات تابعة له على حقل الفيل النفطي لساعات بعد شن القوة التابعة له هجوما مسلحا مباغتا.
أخيرا .. لا يملك المرء إلا التساؤل حول ما الذي يريده كنة؟ الذي يتكئ بقوة على تحالفاته القبلية، وارتباطاته بالنظام السابق ويخلص لها، أكثر من فكرة إخلاصه للوطن الليبي وتحريره من العصابات والمليشيات التي تعرقل قيامته من جديد. لكن من الواضح أن “كنه” يستغل الظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا، وأنه يناقض نفسه بصورة كبيرة بتخليه عن عقيدته العسكرية المُفترضة، وتحالفاته مع المليشيات. لأن التساؤل يظل مطروحا فكيف يكون مخلصا للقذافي، وفي الوقت نفسه للرئاسي الذي يُفترض أنه يمثل ثورة فبراير؟ ومن خلال ذلك يحارب الجيش الوطني ورفاقه السابقين .. أمرٌ محيّر يجعل العديدين يقولون بلهجة أهل الشرق الليبي: ” كنّه علي كنة ؟”