كلا الطريقين هما الطريق الوحيد الذي أريده
مروان العياصرة
كما لو أن لجنة الحوار أختيرت لتكون الطريق الثالث، والخيار المحايد ربما والتاريخي طبعاً كما كان بين طبقتي “النبلاء ورجال الكنيسة” مثلاً، اتكاء على أن أول ظهور لمصطلح الطريق الثالث ظهر في أعقاب الثورة الفرنسية لتمييز من هم ليسوا من تلكما الطبقتين، ومنه جاء فيما بعد مصطلح ( العالم الثالث )، بين الدول الرأسمالية والدول الاشتراكية.
الحياة مليئة بـ “الأشياء” الثالثة، تماما مثل الطبقة الثالثة الوسطى بين طبقتي الحكوميين والرأسماليين، عالمنا أيضا في هذا الشرق المنكوب بالحروب “عالم ثالث”.. القابع بين عالمي الرأسمالية والاشتراكية..
نعود إلى لجنة الحوار التي هي أشبه ما تكون بالحالة بين الحالتين، وأشبه ما تكون أيضا بمسافة الانتظار بين ( الجائع والشبعان )، تلك المسافة التي تستغرقها نار الحوار لطبخ مائدة لما تزل تراوح في أفق الترقب بين أن تقدم نيئة أو ناضجة أو محترقة، وبين النّيء والاحتراق ثمة ما نريد، حيث الطريقة بين الطريقتين..
هذا يذكرني بعنوان رواية “كلا الطريقين هما الطريق الوحيد الذي أريده”، للأميركية الشابة ( ميل ميلوي )، التي تبحث في التفاصيل اليومية لحياة الناس، وواقع الشرائح المجتمعية القابلة دائما للتقسيم والفرز، بحثا عن مخرج من مآزق موجعة بطريقة ما بين الطريقتين..
كل الظروف الحالية تسير بين جبهتين أو مجابهتين، أو طريقين، بين “الخارج” كأمة خُرافيّة و “الداخل” كشعبٍ أو رعايا محتملين، فيما يبقى الحوار دائما الفرصة الأخيرة والطريق الثالث المؤجل، بفعل من يلعن الظلام مقابل من يشعل الشمعة، ومن يجلب الحطب وينفخ في النار مقابل من ينفخ عليها من كلتا رئتيه المتعبتين، ودائما هنالك أصحاب داء “النَّفّخ” المتورمون من شَرَهٍ وشهوة..
همنا كله، أن نحصل على طريقة بين الطريقتين، وطريق واحد بين حكومات مكومة على الطريق، ، وبين جيل جرب كل الطرق الوسطية والفرعية، وعاش أكثر تجاربه وخياراته فشلاً.. بسبب حُفر الطريق.. وبسبب الشكل الفاحش من زواج المتعة بين السلطة والسوق..
حين أخذ الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون بنصيحة مستشاريه معلناً عن ولادة طريق ثالث في العام 1992 بين الحكومة ومعارضيها، بالإعلان عن حكومة أقل عددا وشعب أكثر قوة منذ أكثر من 35 عاما، أراد أن يقول أن الطريق الثالث هي قوة الشعب.